الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: عَزلُ القاضي دونَ موجِبٍ


يَقَعُ عَزلُ القاضي إن عَزَلَه السُّلطانُ دونَ موجِبٍ للعَزلِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [732] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/281)، ((الفتاوى الهندية)) (3/317). ، والمالِكيَّةِ [733] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/234)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/134). ، والشَّافِعيَّةِ [734] الشَّافِعيَّةُ لَهم تَفصيلٌ في هذه المَسألةِ، قال الرَّافِعيُّ: (أحَدُها: أنَّ العَزلَ مَتى يَجوزُ؟ فإن ظَهَرَ مِنَ القاضي خَلَلٌ فللإمامِ عَزلُه، قال في "الوسيطِ": ويَكفي فيه غَلَبةُ الظَّنِّ، وإن لم يَظهَرْ خَلَلٌ، فإن لم يَكُنْ ثَمَّ مَن يَصلُحُ للقَضاءِ فلا يَجوزُ عَزلُه، ولَو عَزَلَه لم يَنعَزِلْ، وإن كانَ هُناكَ صالِحٌ آخَرُ، فإن كانَ أفضَلَ جازَ عَزلُه به، وانعَزَلَ المَفضولُ، وإن كانَ مِثلَه أو دونَه، قال الإمامُ: يُنظَرُ؛ إن كانَ في العَزلِ به مَصلَحةٌ مِن تَسكينِ فِتنةٍ ونَحوِه، فللإمامِ أن يَعزِلَه به، وإن لم يَكُنْ فيه مَصلَحةٌ لم يَجُزْ عَزلُه بهِ، ولَو فعَلَه، هَل يَنفُذُ؟ فيه وجهانِ؛ أحَدُهما: لا؛ لأنَّه لا خَلَلَ في الأوَّلِ ولا مَصلَحةَ في عَزلِه، وأشبَهُهما: نَعَم؛ للمَصلَحةِ وطاعةِ السُّلطانِ، وهذا هو المَذكورُ في الكِتابِ واختيارُ الإمامِ. ومَهما كانَ العَزلُ في مَحَلِّ النَّظَرِ، واحتَمَلَ أن يَكونَ فيه مَصلَحةٌ، فلا اعتِراضَ فيه على الإمامِ، ويُحكَمُ بنُفوذِهـ). ((العزيز شرح الوجيز)) (12/441،442). ويُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (11/126). ، ووَجهٌ عِندَ الحَنابِلةِ [735] ((الإنصاف)) للمرداوي (11/171). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَليٍّ، قال: ((بَعَثَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى اليَمَنِ قاضيًا)) [736] أخرجه أبو داود (3582) واللفظ له، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (1282). حسَّنه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/302)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3582)، وحسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (1282). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا بَعَثَ عَليًّا إلى اليَمَنِ صَرَفَه حينَ حَجَّةِ الوداعِ، ولَم يَرجِعْ إلى اليَمَنِ بَعدَها، ولَم يَكُنْ فيه ما يوجِبُ عَزلَه [737] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (8/536). .
ثانيًا: أنَّ في إيقاعِ العَزلِ في هذه الحالةِ مُراعاةً للسُّلطانِ وطاعةً له، وإماتةً للفِتنةِ [738] يُنظر: ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/442). .

انظر أيضا: