الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّالِثةُ: طَلَبُ الأُجرةِ على القَضاءِ مِنَ الخُصومِ


اختَلَفَ الفُقَهاءُ في طَلَبِ الأُجرةِ على القَضاءِ مِنَ الخُصومِ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يَجوزُ طَلَبُ الأُجرةِ على القَضاءِ مِنَ الخُصومِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [531] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/ 265)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/ 168)، ((مجمع الأنهر)) لداماد أفندي (2/488)، ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 630). ، والمالِكيَّةِ [532] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/141)، ويُنظر: ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (3/931)، ((لوامع الدرر)) لمحمد بن سالم المجلسي (12/32). ، وهو وَجهٌ للحَنابِلةِ صَوَّبه ابنُ مُفلِحٍ، والمَرداويُّ [533] ((الفروع)) لابن مفلح (11/ 128)، ((الإنصاف)) للمرداوي (11/ 166). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن بُرَيدةَ بنِ الحُصَيبِ الأسلَميِّ رَضيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَنِ استَعمَلناهُ على عَمَلٍ فرَزَقناهُ رِزقًا، فما أخَذَ بَعدَ ذلك فهو غُلولٌ)) [534] أخرجه أبو داود (2943)، وابن خزيمة (2369)، والحاكم (1491) صحَّحه ابنُ خزيمة، والحاكمُ على شرط الشَّيخين، وابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (94)، وابنُ المُلَقِّنِ على شَرطِ الشَّيخَينِ في ((البدر المنير)) (9/564) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحَديثَ دَلَّ على أنَّ ما يَأخُذُه القاضي مِن غَيرِ بَيتِ مالِ المُسلِمينَ يُعَدُّ غُلولًا وخيانةً [535] يُنظر: ((أدب القاضي)) لابن القاص (1/ 108).       .
ثانيًا: قياسُ القَضاءِ على الصَّلاةِ في تَحريمِ أخذِ الأجرِ عليها، بجامِعِ كَونِهِما قُربةً يَختَصُّ فاعِلُهُما أن يَكونَ مِن أهلِ القُربةِ [536] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/35).     .
القَولُ الثَّاني: يَجوزُ طَلَبُ المالِ على القَضاءِ مِنَ الخُصومِ إذا لَم يَكُن للقاضي رِزقٌ مِن بَيتِ المالِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [537] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/ 466)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/ 142). ، ووَجهٌ للحَنابِلةِ [538] ((الفروع)) لابن مفلح (11/ 128)، ((الإنصاف)) للمرداوي (11/ 166).

انظر أيضا: