الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الثَّانيةُ: الشَّهادةُ على الشَّهادةِ في غَيرِ المالِ وما يُقصَدُ منه المالُ


اختَلَفَ الفُقَهاءُ في حُكمِ قَبولِ الشَّهادةِ على الشَّهادةِ في غَيرِ المالِ وما يُقصَدُ منه المالُ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: تُقبَلُ الشَّهادةُ على الشَّهادةِ مُطلَقًا، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [376] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/901)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/204). ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ [377] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (13/109،110). ، وروايةٌ عِندَ الحَنابِلةِ [378] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/338). ، واختيارُ ابنِ حَزمٍ [379] قال ابنُ حَزمٍ: (الشَّهادةُ على الشَّهادةِ في كُلِّ شَيءٍ، ويُقبَلُ في ذلك واحِدٌ على واحِدٍ). ((المحلى)) (8/540). ، وابنِ عُثَيمين [380] قال ابنُ عُثَيمين: (وقد سَبَقَ أنَّ كِتابَ القاضي إلى القاضي لا يَكونُ إلَّا في حُقوقِ الآدَميِّينَ، أمَّا حُقوقُ اللهِ كالحُدودِ فلا يُقبَلُ أن يَكتُبَ القاضي إلى القاضي، وسَبَقَ أيضًا هُناكَ أنَّ القَولَ الرَّاجِحَ صِحَّةُ كِتابِ القاضي إلى القاضي حَتَّى في الحُدودِ، وأنَّ هذا هو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ رَحِمَه اللهُ، وإذا كانَ هذا فرعًا على ذاكَ فيَكونُ الصَّحيحُ هُنا صِحَّةَ الشَّهادةِ على الشَّهادةِ في الحُدودِ وغَيرِها). ((الشرح الممتع)) (15/463). ؛ وذلك لأنَّ تَخصيصَ حَدٍّ أو غَيرِه لا يَجوزُ إلَّا بنَصٍّ، ولا نَصَّ في ذلك [381] ((المحلى)) لابن حزم (8/542). .
القَولُ الثَّاني: تُقبَلُ الشَّهادةُ على الشَّهادةِ في غَيرِ العُقوباتِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [382] يرى الحَنَفيَّةُ أنَّ الشَّهادةَ على الشَّهادةِ تُقبَلُ في غَيرِ ما يَسقُطُ بالشُّبهةِ مِن حَدٍّ وقَوَدٍ. ((البناية)) للعيني (9/185)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/120). ، والشَّافِعيَّةِ -في الأصَحِّ- [383] للشَّافِعيَّةِ في الشَّهادةِ على الشَّهادةِ في العُقوباتِ تَفصيلٌ؛ فلَهم في حَقِّ اللهِ قَولانِ، أصَحُّهما: المَنعُ، وفي حَقِّ الآدَميِّ قَولانِ، والصَّحيحُ مِنهُما: الجَوازُ. ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (13/110)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/289). ، والحَنابِلةِ [384] يرى الحَنابِلةُ -في الصَّحيحِ مِنَ المَذهَبِ- أنَّ الشَّهادةَ على الشَّهادةِ تُقبَلُ في غَيرِ الحُدودِ الخالِصةِ للَّهِ تَعالى. ((الإنصاف)) للمرداوي (12/89)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/604). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: أنَّ مَبنى العُقوباتِ التي لا تُقبَلُ فيها الشَّهادةُ على الشَّهادةِ، على الإسقاطِ والدَّرءِ، وفي قَبولِها احتيالٌ لإثباتِ العُقوبةِ [385] يُنظر: ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي (2/151). .
ثانيًا: أنَّ في الشَّهادةِ على الشَّهادةِ شُبهةً لزيادةِ احتِمالِ الكَذِبِ أوِ البَدَليَّةِ، والحُدودُ [386] وكَذلك القِصاصُ عِندَ الحَنَفيَّةِ. تَسقُطُ بالشُّبُهاتِ [387] يُنظر: ((الاختيار)) لابن مودود الموصلي (2/151). .

انظر أيضا: