الفرعُ الثَّالثُ: قَضاءُ القاضي بعِلمِه فيما يُدعى به
لا يَجوزُ للقاضي أن يَحكُمَ بعِلمِه
[299] كأن يَتَخاصَمَ إليه اثنانِ، وهو يَعلَمُ أنَّ المُدَّعيَ صادِقٌ فيما ادَّعاه، فهَل يَحكُمُ بعِلمِه، ويَعُدُّ عِلمَه طَريقًا مِن طُرُقِ الإثباتِ، أم لا بُدَّ مِن وسائِلِ الإثباتِ، كالشَّهادةِ وغَيرِها؟ ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ
[300] (ولا يَجوزُ للحاكِمِ أن يَحكُمَ بعِلمِه في حَدٍّ ولا في حَقٍّ مِنَ الحُقوقِ، ولا في شَيءٍ قد كانَ شَهِدَ عليه مَعَ غَيرِه، ويَحكُمُ بشَهادةِ غَيرِه في ذلك مَعَ يَمينِ الطَّالِبِ إن كانَ مالًا، وإلَّا رفَعَ ذلك إلى الإمامِ، وكانَ شاهِدًا بما عِندَه مَعَ الشَّاهِدِ الآخَرِ، ولَوِ اطَّلَعَ على حَدٍّ مِن حُدودِ اللهِ لم يُقِمْه بما رَآه حَتَّى يَشهَدَ عِندَه فيه مَن يُقامُ الحَدُّ به عُدولٌ يَشهَدونَ على إقرارِ المُقِرِّ عِندَه، أو على ما سَمِعوا مِنَ المَقالاتِ والدَّعاوى، فيَحكُمُ بشَهادَتِهم، ولا يَحكُمُ بعِلمِه. هذا تَحصيلُ مَذهَبِ مالِكٍ). ((الكافي)) لابن عبد البر (2/957)، ((ولا يَستَنِدُ) في حُكمِه (لعِلمِهـ) في الحادِثةِ، بَل لا بُدَّ مِنَ البَيِّنةِ أوِ الإقرارِ). ((الشرح الكبير)) للدردير (4/158). ، والحَنابِلةِ
[301] (ولا يَجوزُ ولا يَصِحُّ بغَيرِ ما يَعلَمُه بَل يَتَوقَّفُ، ولا خِلافَ أنَّه يَجوزُ له الحُكمُ بالإقرارِ والبَيِّنةِ في مَجلِسِه إذا سَمِعَه مَعَه شاهِدانِ، فإن لم يَسمَعْه مَعَه أحَدٌ أو سَمِعَه شاهِدٌ واحِدٌ فلَه أيضًا، والأَولى إذا سَمِعَه شاهِدانِ، فأمَّا حُكمُه بعِلمِه في غَيرِ ذلك مِمَّا رَآه أو سَمِعَه قَبلَ الوِلايةِ أو بَعدَها فلا يَجوزُ إلَّا في الجَرحِ والتَّعديلِ). ((الإقناع)) للحجاوي (4/392)، (ويَحرُمُ ولا يَصِحُّ مَعَ عِلمِه بضِدِّه، أو مَعَ لَبسٍ قَبلَ البَيانِ، ويَحرُمُ الاعتِراضُ عليه لتَركِه تَسميةَ الشُّهودِ، قال في الفُروعِ: ويَتَوجَّهُ مِثلُ: حَكَمتُ بكَذا، ولَم يَذكُرْ مُستَنَدَه، ولَه الحُكمُ ببَيِّنةٍ أو إقرارٍ في مَجلِسِ حُكمِه، وإن لم يَسمَعْه غَيرُه لا بعِلمِه في غَيرِ هذه، ولَو في غَيرِ حَدٍّ إلَّا على مَرجوحةِ المُنقح: وقَريبٌ مِنها العَمَلُ بطَريقٍ مَشروعٍ، بأن يولِّيَ الشَّاهِدُ الباقي القَضاءَ للعُذرِ، وقد عَمِلَ به كَثيرٌ مِن حُكَّامِنا، وأعظَمُهمُ الشَّارِحُ، ويَعمَلُ بعِلمِه في عَدالةِ بَيِّنةٍ وجَرحِها). ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/289). ، والمُعتَمَدُ عِندَ المتأخِّرينَ مِنَ الحَنَفيَّةِ
[302] (فما في الزَّيلَعيِّ يُبتَنى على قَولِ المُتَأخِّرينَ مِن أنَّ القاضيَ ليس له أن يَقضيَ بعِلمِه، وهو المُفتى بهـ). ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/76)، ((قَولُه: إلَّا أنَّ المُعتَمَدَ) أي عِندَ المُتَأخِّرينَ؛ لفَسادِ قُضاةِ الزَّمانِ، وعِبارةُ الأشباهِ: الفَتوى اليَومَ على عَدَمِ العَمَلِ بعِلمِ القاضي في زَمانِنا كما في جامِعِ الفُصولَينِ). ((حاشية ابن عابدين)) (5/439). ، وقَولٌ عِندَ الشَّافِعيَّةِ
[303] (فهل يَقضي بعِلمِه؟ فيه قَولانِ: أحَدُهما: لا، وبه قال مالِكٌ وأحمَدُ رَحِمَهما اللهُ). ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/486)، (يَقضي بالحُجَّةِ بلا شَكٍّ، فلَو لم يَكُنْ حُجَّةً، وعَلِمَ صِدقَ المُدَّعي، فهَل يَقضي بعِلمِه؟ طَريقانِ، أحَدُهما: نَعَم قَطعًا، وأشهَرُهما قَولانِ، أظهَرُهما عِندَ الجُمهورِ: نَعَم). ((روضة الطالبين)) (11/156). ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
[304] قال العِمرانيُّ: (أحَدُهما: لا يَجوزُ له أن يَقضيَ فيه بعِلمِه.. وبه قال شُرَيحٌ، والشَّعبيُّ، ومالِكٌ، وابنُ أبي لَيلى، والأوزاعيُّ، وأحمَدُ، وإسحاقُ). ((البيان)) (13/102). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/48). ، واختيارُ ابنِ القَيِّمِ
[305] قال ابنُ القَيِّمِ: (ولَو فُتِحَ هذا البابُ -ولا سيَّما لقُضاةِ الزَّمانِ- لَوجَدَ كُلُّ قاضٍ له عَدوٌّ السَّبيلَ إلى قَتلِ عَدوِّهِ، ورَجمِه وتَفسيقِه، والتَّفريقِ بَينَه وبَينَ امرَأتِه، ولا سيَّما إذا كانَتِ العَداوةُ خَفيَّةً، لا يُمكِنُ لعَدوِّهِ إثباتُها، وحَتَّى لَو كانَ الحَقُّ هو حُكمَ الحاكِمِ بعِلمِه لَوجَبَ مَنعُ قُضاةِ الزَّمانِ مِن ذلك، وهذا إذا قيلَ في شُرَيحٍ وكَعبِ بنِ سوارٍ، وإياسِ بنِ مُعاويةَ، والحَسَنِ البَصريِّ، وعِمرانَ الطَّلحيِّ، وحَفصِ بنِ غياثٍ وأضرابِهم. كانَ فيه ما فيه. وقد ثَبَتَ عَن أبي بَكرٍ، وعُمَرَ، وعَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، ومُعاويةَ -رَضيَ اللهُ عنهُمُ- المَنعُ مِن ذلك، ولا يُعرَفُ لَهم في الصَّحابةِ مُخالِفٌ...، وهذا مِن كَمالِ فِقهِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهُم؛ فإنَّهم أفقَهُ الأُمَّةِ وأعلَمُهم بمَقاصِدِ الشَّرعِ وحُكمِه، فإنَّ التُّهمةَ مُؤَثِّرةٌ في بابِ الشَّهاداتِ والأَقضيةِ، وطَلاقِ المَريضِ وغَيرِ ذلك...، ومَن تَدَبَّرَ الشَّريعةَ وما اشتَمَلَت عليه مِنَ المَصالِحِ وسَدِّ الذَّرائِعِ تَبَيَّنَ له الصَّوابُ في هذه المَسألةِ، وباللهِ التَّوفيقُ). ((الطرق الحكمية)) (ص: 168-169). ، وابنِ عُثَيمين
[306] قال ابنُ عُثَيمين: (قَولُه: «ولا يَحكُمُ بعِلمِه» يَعني: لَو تَخاصَمَ إليه اثنانِ وهو يَعلَمُ أنَّ المُدَّعيَ صادِقٌ فيما ادَّعاه، فهَل يَحكُمُ بعِلمِه؟ المُؤَلِّفُ يَقولُ: لا يَحكُمُ بعِلمِه، ولَو كانَ يَعلَمُ مِثلَ الشَّمسِ أنَّه صادِقٌ...، ثُمَّ لَو فتَحنا البابَ وقُلنا: إنَّ هذا القاضيَ مِن أعدَلِ عِبادِ اللهِ ولا يَحكُمُ إلَّا بالحَقِّ، يَأتي قاضٍ آخَرُ ويَحكُمُ بالباطِلِ، ويَقولُ: هذا الذي أعلَمُه، وهذا مُمكِنٌ، فلَو فُتِحَ الحُكمُ للقاضي بعِلمِه لَفَسَدَت أحوالُ النَّاسِ؛ لأنَّه ليس كُلُّ إنسانٍ ثِقةً، فسَدُّ البابِ هو الأَولى). ((الشرح الممتع)) (15/316). .
الأدِلَّةُ:أوَّلًا: من الكتابِقَولُه تعالى:
وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةً [النور: 4] .
وَجهُ الدَّلالةِ:أمَرَ اللهُ تَعالى في هذه الآيةِ بجَلدِ القاذِفِ إذا لم يَأتِ بأربَعةِ شُهَداءَ على الزِّنا، ولَم يُفَرِّقْ بَينَ أن يَكونَ الأمرُ مَعلومًا عِندَ القاضي أو لا
[307] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (13/102-103). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عَن أُمِّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((إنَّما أنا بَشَرٌ، وإنَّكُم تَختَصِمونَ إليَّ، ولَعَلَّ بَعضَكُم أن يَكونَ ألحَنَ بحُجَّتِه مِن بَعضٍ، فأقضيَ على نَحوِ ما أسمَعُ، فمَن قَضَيتُ له من حَقِّ أخيه شَيئًا فلا يَأخُذْه؛ فإنَّما أقطَعُ له قِطعةً مِنَ النَّارِ)) [308] أخرجه البخاري (7169) واللفظ له، ومسلم (1713). .
وَجهُ الدَّلالةِ:دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ القاضيَ إنَّما يَقضي بما يَسمَعُ لا بما يَعلَمُ، فجُعِلَ الحُكمُ مَبنيًّا على الأُمورِ الحِسِّيَّةِ الظَّاهِرةِ
[309] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/49)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/316). .
2- عَن وائِلِ بنِ حُجْرٍ الحَضرَميِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال:
((جاءَ رَجُلٌ مِن حَضْرَمَوتَ ورَجُلٌ مِن كِندةَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال الحَضرَميُّ: يا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إنَّ هذا غَلَبَني على أرضٍ كانَت لأبي، فقال الكِنديُّ: هيَ أرضي في يَدي أزرَعُها ليس له فيها حَقٌّ، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَضرَميِّ: ألَكَ بَيِّنةٌ؟ قال: لا، قال: فلَكَ يَمينُه، قال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه فاجِرٌ لا يُبالي ما حَلَفَ عليه، ليس يَتَورَّعُ مِن شَيءٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ليس لَكَ منه إلَّا ذاكَ)) [310] أخرجه مسلم (139). .
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ سُؤالَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ البَيِّنةِ وبَيانَ استِحقاقِه ليَمينِ الخَصمِ، يَقتَضي أنَّه لا يَجوزُ الحُكمُ بغَيرِ ذلك
[311] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (13/103). .
3- عَن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَ أبا جَهمِ بنَ حُذَيفةَ مُصَدِّقًا فلاجَّه رَجُلٌ في صَدَقَتِه، فضَرَبَه أبو جَهمٍ فشَجَّه، فأتَوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: القَوَدَ يا رَسولَ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لَكُم كَذا وكَذا، فلَم يَرضَوا، فقال: لَكُم كَذا وكَذا، فلَم يَرضَوا، فقال: لَكُم كَذا وكَذا، فرَضُوا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي خاطِبٌ العَشيَّةَ على النَّاسِ ومُخبِرُهم برِضاكُم، فقالوا: نَعَم، فخَطَبَ رَسولُ اللهِ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ هؤلاء اللَّيثيِّينَ أتَوني يُريدونَ القَوَدَ، فعَرَضتُ عليهم كَذا وكَذا فرَضوا، أرَضيتُم؟ قالوا: لا، فهَمَّ المُهاجِرونَ بهِم، فأمَرَهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَكُفُّوا عنهم، فكَفُّوا، ثُمَّ دَعاهم فزادَهم، فقال: أرَضيتُم؟ فقالوا: نَعَم، قال: إنِّي خاطِبٌ على النَّاسِ ومُخبِرُهم برِضاكُم، قالوا: نَعَم، فخَطَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: أرَضيتُم؟ قالوا: نَعَم)) [312] أخرجه أبو داود (4534) واللفظ له، والنسائي (4778)، وابن ماجه (2638). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4487)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4534)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4534)، وذكر ثبوتَه ابنُ المنذر في ((الأوسط)) (13/93). .
وَجهُ الدَّلالةِ:دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَحكُمْ عليهم بعِلمِه لَمَّا جَحَدوا أن يَكونوا رَضوا بما عَرَضَ عليهم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ
[313] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/961)، ((المغني)) لابن قدامة (10/50). .
4- عَن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه في شَأنِ قَتلِ المُنافِقينَ:
((دَعْه، لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحَمَّدًا يَقتُلُ أصحابَهـ)) [314] أخرجه البخاري (4905)، ومسلم (2584). .
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَعلَمُ مِنَ المُنافِقينَ ما يُبيحُ دِماءَهم وأموالَهم، ويَتَحَقَّقُ ذلك، ومَعَ ذلك لا يَحكُمُ فيهم بعِلمِه، مَعَ بَراءَتِه عِندَ اللهِ ومَلائِكَتِه وعِبادِه المُؤمِنينَ مِن كُلِّ تُهمةٍ
[315] يُنظر: ((الطرق الحكمية)) لابن القيم (ص: 168). .
ثالِثًا: أنَّ تَجويزَ القَضاءِ بعِلمِ القاضي يُفضي إلى تُهمَتِه وحُكمِه بما اشتَهى بحُجَّةِ عِلمِه بالواقِعةِ
[316] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/50). .
رابعًا: أنَّه لَو فُتِحَ الحُكمُ للقاضي بعِلمِه لَفَسَدَت أحوالُ النَّاسِ؛ لأنَّه ليس كُلُّ إنسانٍ ثِقةً، فسَدُّ البابِ هو الأَولى، لا سيَّما إذا كَثُرَ الفَسادُ في القُضاةِ
[317] يُنظر: ((الطرق الحكمية)) لابن القيم (ص: 168)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/316). .
خامِسًا: فيه دَليلٌ لمَن مَنَعَ حُكمَ القاضي بعِلمِه في الحُدودِ الخالِصةِ للَّهِ تَعالى؛ لأنَّ حُقوقَ اللهِ تَعالى مَبنيَّةٌ على التَّخفيفِ والمُسامَحةِ؛ ولذلك تَسقُطُ بالشُّبهةِ
[318] يُنظر: ((الحاوي)) للماوردي (16/324). .