الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: قَضاءُ القاضي بعِلمِه في الجَرحِ والتَّعديلِ


يَجوزُ للقاضي أن يَقضيَ بعِلمِه في جَرحِ الشُّهودِ وتَعديلِهم.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [276] قال الماوَرديُّ: (لا اختِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ أنَّ للقاضي أن يَحكُمَ بعِلمِه في الجَرحِ والتَّعديلِ). ((الحاوي)) (16/321). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [277] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (وهذا ليس بشَيءٍ؛ لإجماعِهم على أنَّ مَن عَلِمَ القاضي أنَّه غَيرُ عَدلٍ ولا رِضًا لم يَجُزْ له قَبولُ شَهادَتِه، فكَذلك تَعديلُهـ). ((الكافي)) (2/901)، وقال: (وقد أجمَعوا أنَّ له أن يُعَدِّلَ ويُسقِطَ العُدولَ بعِلمِه...، وأجمَعوا أيضًا على أنَّه إذا عَلِمَ أنَّ ما شَهِدَ به الشُّهودُ على غَيرِ ما شَهِدوا به أنَّه يُنفِذُ عِلمَه في رَدِّ شَهادَتِهم، ولا يَقضي بشَهادَتِهم، ويَرُدُّها بعِلمِهـ). ((الاستذكار)) (7/93). ، والمازَريُّ [278] قال عليش: (إلَّا في التَّعديلِ والتَّجريحِ) للشُّهودِ، فيَستَنِدُ فيهما لعِلمِه اتِّفاقًا، حَكاه المازَريُّ وغَيرُهـ). ((منح الجليل)) (8/360). ، والعِمرانيُّ [279] قال العِمرانيُّ: (فإن عَلِمَ الحاكِمُ فِسقَهما ظاهِرًا وباطِنًا، أو فِسقَهما في الباطِنِ، لم يَقبَلْ شَهادَتَهما. وإن عَلِمَ عَدالَتَهما ظاهِرًا وباطِنًا قَبِلَ شَهادَتَهما بلا خِلافٍ بَينَ أهلِ العِلمِ في ذلك). ((البيان)) (13/43، 44). ، وابنُ رُشدٍ [280] قال ابنُ رُشدٍ: (وذلك أنَّ العُلَماءَ أجمَعوا على أنَّ القاضيَ يَقضي بعِلمِه في التَّعديلِ والتَّجريحِ). ((بداية المجتهد)) (4/253). ، وابنُ قُدامةَ [281] قال ابنُ قُدامةَ: (وأمَّا الجَرحُ والتَّعديلُ فإنَّه يَحكُمُ فيه بعِلمِه، بغَيرِ خِلافٍ). ((المغني)) (10/50). ، وابنُ القَطَّانِ [282] قال ابنُ القَطَّانِ: (أجمَعوا أنَّ له أن يُعَدِّلَ أو يُسقِطَ العُدولَ بعِلمِهـ). ((الإقناع)) (2/146). ، والعِزُّ بنُ عَبدِ السَّلامِ [283] قال العِزُّ بنُ عَبدِ السَّلامِ: (وإن عَلِمَ الحاكِمُ فِسقَ الشَّاهِدِ أو عَدالَتَه عِلمًا يُسَلِّطُه على الشَّهادةِ بذلك، فلَه الحُكمُ بعِلمِه اتِّفاقًا). ((الغاية)) (7/424). ، وبُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ [284] قال بُرهانُ الدِّينِ ابنُ مُفلِحٍ: (وأمَّا الجَرحُ والتَّعديلُ فإنَّه يَحكُمُ فيه بعِلمِه بغَيرِ خِلافٍ). ((المبدع)) (8/186). ، والعَينيُّ [285] قال بَدرُ الدِّينِ العَينيُّ: (اتَّفَقوا على أنَّه يَحكُمُ بعِلمِه في الجَرحِ والتَّعديلِ). ((عمدة القاري)) (13/6). .
ثانيًا: أنَّ الحُكمَ بعِلمِ القاضي في جَرحِ الشُّهودِ وتَعديلِهم أمرٌ ضَروريٌّ للبَتِّ في الشَّهادةِ؛ لأنَّه لَو لم يَحكُمْ بعِلمِه فيهم لَلَزِمَ مِن ذلك التَّسَلسُلُ، فيَحتاجُ كُلُّ مُزَكٍّ إلى مُزَكِّينَ، ولا نِهايةَ لذلك [286] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/50). .

انظر أيضا: