الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: مالُ المُرتَدِّ الذي لم يلحَقْ به بدارِ الحَربِ


اختَلَف الفُقَهاءُ في مالِ المُرتَدِّ الذي لم يلحَقْ به بدارِ الحَربِ، على قولين:
القَولُ الأوَّلُ: مالُ المُرتَدِّ يَكونُ مَوقوفًا، فإن ماتَ مرتدًّا بانَ زَوالُ مِلكِه به، وإن تابَ عادَ إليه مالُه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1955] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 375). ((منح الجليل)) لعليش (9/218). ، والشَّافِعيَّةِ -على الأظهَرِ- [1956] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 294)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/421). ، والحَنابِلةِ [1957] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/402)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 181). ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ [1958] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 285)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 140). ، وقَولُ الظَّاهريَّةِ [1959] قال ابنُ حَزمٍ: (قالت طائِفةٌ: إن راجَعَ الإسلامَ فمالُه له، وإن قُتِل فمالُه لورَثَتِه مِنَ الكُفَّارِ. قال بهذا أبو سُلَيمانَ، وأصحابُنا). ((المحلى)) (12/ 122). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ زَوالَ العِصمةِ لا يَلزَمُ مِنه زَوالُ المِلكِ [1960] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 490)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 181). .
ثانيًا: لأنَّ الرِّدَّةَ سَبَبٌ يُبيحُ دَمَه، فلَم يَزُلْ مِلكُه بها، كَزِنا المُحصَنِ [1961] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 490)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 181).  .
ثالِثًا: لأنَّ بُطلانَ عَمَلِه يَتَوقَّفُ على مَوتِه مُرتَدًّا، فكَذا زَوالُ مِلكِه [1962] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/100)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/421). .
رابِعًا: توقَفُ تَصَرُّفاتُه؛ لأنَّه مالٌ تَعَلَّق به حَقُّ الغَيرِ، فكان التَّصَرُّفُ فيه مَوقوفًا [1963] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 490)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 181). .
خامِسًا: لأنَّه يَصيرُ بالرِّدَّةِ حَربيًّا حتَّى يُقتَلَ، وكَذا عِصمةُ مالِه؛ لأنَّه تَبَعٌ لَها، ولأنَّه هالِكٌ حُكمًا فصارَ كالهالِكِ حَقيقةً، غَيرَ أنَّه يُدعى إلى الإسلامِ بالإجبارِ عليه، ويُرجى عَودُه إليه لوُقوفِه على مَحاسِنِه، فلم يَتِمَّ سَبَبُ الزَّوالِ، فتَوقَّفنا في أمرِه [1964] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 285-286).  .
القَولُ الثَّاني: يَزولُ مِلكُ المُرتَدِّ عن مالِه مُطلَقًا برِدَّتِه، وهو قَولٌ للشَّافِعيَّةِ [1965] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/100)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/421). ، وقَولٌ للحَنابِلةِ [1966] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 339). ؛ وذلك لزَوالِ العِصمةِ برِدَّتِه [1967] يُنظر: ((حاشية الشرواني على تحفة المحتاج)) (9/99). .

انظر أيضا: