الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: صِفةُ حَدِّ القَذفِ


حَدُّ القَذفِ [846] المَقصودُ: هَل حَدُّ القَذفِ حَقٌّ للهِ تعالى أو حَقٌّ للعَبدِ، والمُرادُ بحَقِّ العَبدِ: هو أنَّه لَو أسقَطَه لَسَقَطَ كالدُّيونِ والأثمانِ. والمُرادُ بحَقِّ اللهِ: هو أنَّه ليس للعَبدِ إسقاطُه، فمَن قال: حَقٌّ للَّهِ، لم يُجِزِ العَفوَ، كالزِّنا، ومَن قال: حَقٌّ للآدَميِّينَ، أجازَ العَفوَ. يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (1/140)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/202). يَغلِبُ فيه حَقُّ الآدَميِّ المَقذوفِ [847] عِندَ المالِكيَّةِ: أنَّ القَذفَ حَقٌّ للمَقذوفِ، وله أن يَعفوَ عنه ما لم يَبلُغِ الإمامَ، وله أن يَعفوَ أيضًا إذا قَصَدَ بذلك سَترَ نَفسِه حتَّى لَو بَلَغَ الإمامَ. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (8/412)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (6/184)، ((منح الجليل)) لعليش (6/467). ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [848] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 106) (11/ 196)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 415). ، والحَنابِلةِ [849] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/ 353)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/ 195). ، واختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [850] قال ابنُ تَيميَّةَ: (وقد يَكونُ حَقًّا للهِ ولآدَميٍّ، مِثلُ حَدِّ القَذفِ والقَوَدِ وعُقوبةِ السَّبِّ ونَحوِ ذلك، فهذه الأُمورُ فيها العُقوبةُ مِنَ الحَدِّ والتَّعزيرِ، والاستيفاءُ فيها مُفوَّضٌ إلى اختيارِ الآدَميِّ: إن أحَبَّ استَوفى القَوَدَ، وحَدَّ القَذفِ، وإن شاءَ عَفا). ((الصارم المسلول)) (ص: 296). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ القَذفَ جِنايةٌ على عِرضِ المَقذوفِ بالتَّعَرُّضِ، وعِرضُه حَقُّه، بدَليلِ أنَّ بَدَلَ نَفسِه حَقُّه، وهو القِصَاصُ في العَمدِ، أوِ الدِّيةُ في الخَطَأِ؛ فكان البَدَلُ حَقَّه [851] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 56).  .
ثانيًا: أنَّ المَقذوفَ إذا صَدَّقَه فيما قَذَفه به سَقَطَ عنه الحَدُّ؛ فدَلَّ على أنَّه حَقٌّ لَه [852] يُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/ 364).  .
ثالِثًا: أنَّه لا يُقامُ حَدُّ قَذفٍ بلا طَلَبِ المَقذوفِ [853] يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/ 353).  .

انظر أيضا: