الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: عُقوبةُ مَن أتى بَهيمةً


لا حَدَّ مُقدَّرٌ على مَن أتى بَهيمةً، لَكِنَّه يُعَزَّرُ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [800] ((المبسوط)) للسرخسي (ص: 58)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 181). ، والمالِكيَّةِ [801] ((التاج والإكليل)) للمواق (8/ 392)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 316)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 251). ، والشَّافِعيَّةِ -في الأظهَرِ- [802] ((تحفة المحتاج)) لا بن حجر الهيتمي (9/ 106)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 146). ، والحَنابِلةِ [803] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 387)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 178). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [804] قال الخَطَّابيُّ: (قال أكثَرُ الفُقَهاءِ: يُعَزَّرُ، وكذلك قال عَطاءٌ والنَّخعيُّ، وبه قال مالِكٌ، وسُفيانُ الثَّوريُّ، وأحمدُ بنُ حَنبَلٍ، وكذلك قال أبو حَنيفةَ وأصحابُه، وهو أحَدُ قَولَيِ الشَّافِعيِّ). ((معالم السنن)) (3/ 334). ، وأكثَرِ الفُقَهاءِ [805] يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/ 334). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قَوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون: 5 - 7] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه تعالى: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ، أي: غَيرَ الزَّوجةِ ومِلكِ اليَمينِ، فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ أي: المُتَجاوِزونَ ما أحَلَّ اللَّه إلى ما حَرَّمَ اللهُ. والقاعِدةُ العامَّةُ أنَّ التَّعزيرَ واجِبٌ في كُلِّ مَعصيةٍ لا حَدَّ فيها ولا كَفَّارةَ [806] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 887)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (14/246). .
 ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: (مَن أتى بَهيمةً فلا حَدَّ عليهـ) [807] أخرجه أبو داود (4465)، والترمذي معلقًا بعد حديث (1455) واللفظ له. صَحَّحه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (9/440)، وحَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4465)، وحَسَّن إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4465). .     
ثالِثًا: أنَّ وطءَ البَهيمةِ لا يَميلُ إليه الطَّبعُ، فلا يَستَدعي زاجِرًا؛ لوُجودِ الانزِجارِ بدونِ الحَدِّ [808] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 181)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 146).  .
رابِعًا: أنَّه لم يَصِحَّ في حَدِّ واطِئِ البَهيمةِ نَصٌّ، ولا يُمكِنُ قياسُ وَطئِها على الوطءِ في فَرجِ الآدَميِّ؛ لأنَّه لا حُرمةَ لَها، والنُّفوسُ تَعافُه [809] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 387). .
خامِسًا: لأنَّ الحَدَّ يُدرَأُ بالشُّبهةِ [810] يُنظر: ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 387). .
سادِسًا: أنَّ وطءَ البَهيمةِ جِنايةٌ ليس فيها حَدٌّ مُقدَّرٌ، فيُعَزَّرُ مُرتَكِبُها [811] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 181).  .

انظر أيضا: