الموسوعة الفقهية

 المَطلَبُ الثَّالِثُ: عُقوبةُ مَن يَعمَلُ عَمَلَ قَومِ لوطٍ


عُقوبةُ مَن يَعمَلُ عَمَلَ قَومِ لوطٍ الرَّجمُ أَحصَنَ أو لم يُحصِنْ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [768] ((مواهب الجليل) للحطاب (6/296)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/314)، (4/320). ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ [769] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 90)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيثمي (9/102). ، ورِوايةٌ للحَنابِلةِ [770] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 176)، ((الفروع لابن مفلح ومعه تصحيح الفروع للمرداوي)) (10/ 54). ، وقال به بَعضُ السَّلَفِ [771] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (ومِمَّن قال بقَولِ مالِكٍ في اللُّوطيِّ: يُرجَمُ أحصَنَ أو لم يُحصَنْ: جابِرُ بنُ زَيدٍ أبو الشَّعثاءِ، وعامِرٌ الشَّعبيُّ، وبِه قال اللَّيثُ بنُ سَعدٍ، وإسحاقُ بنُ راهَوَيه، وأحمدُ في رِوايةٍ). ((الاستذكار)) (7/ 494). ، وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ [772] قال ابنُ تَيميَّةَ: (أمَّا الفاعِلُ والمَفعولُ به فيَجِبُ قَتلُهما رَجمًا بالحِجارةِ، سَواءٌ كانا مُحصَنينِ أو غَيرَ مُحصَنينِ؛ لِما في السُّنَنِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: "مَن وجَدتُموه يَعمَلُ عَمَلَ قَومِ لوطٍ فاقتُلوا الفاعِلَ والمَفعولَ به"، ولأنَّ أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اتَّفقوا على قَتلِهما). ((مجموع الفتاوى)) (34/182). ، وابنِ القَيِّمِ [773] قال ابنُ القَيِّمِ: (وما كان في الطِّباعِ داعٍ إليه رَتَّبَ عليه مِنَ العُقوبةِ بقَدرِ مَفسَدَتِه، وبِقدرِ داعي الطَّبعِ إليه. ولِهذا لمَّا كان داعي الطِّباعِ إلى الزِّنا مِن أقوى الدَّواعي كانت عُقوبَتُه العُظمى مِن أشنَعِ القِتلاتِ وأعظَمِها، وعُقوبَتُه السَّهلةُ أعلى أنواعِ الجَلدِ مَعَ زيادةِ التَّغريبِ. ولمَّا كانت جَريمةُ اللِّواطِ فيها الأمرانِ، كان حَدُّه القَتلَ بكُلِّ حالٍ). ((الجواب الكافي)) (ص: 110). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
1- عن أبي نَضرةَ، قال: سُئِلَ ابنُ عبَّاسٍ: ما حَدُّ اللُّوطيِّ؟ قال: (يُنظَرُ إلى أعلى بناءٍ في القَريةِ فيُرمى مِنه مُنَكَّسًا، ثُمَّ يُتبَعُ بالحِجارةِ) [774] أخرجه ابنُ أبي شَيبة (28925)، وأبو بكر الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (2842). صَحَّح إسنادَه ابن حجر في ((الدراية)) (2/103)، والألباني في ((التعليقات الرضية)) (3/284). .
2- عن سَعيدِ بنِ جُبَيرٍ ومُجاهدٍ يُحَدِّثانِ عن ابنِ عبَّاسٍ: (في البِكرِ يوجَدُ على اللُّوطيَّةِ، قال: يُرجَمُ) [775] أخرجه أبو داود (4463)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7298)، والبيهقي (17105). صَحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4463)، وقواه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4463). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الأثَرَينِ عنِ الصَّحابةِ دَلالةٌ على قَتلِه بالرَّجمِ [776] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/ 494). .
ثانيًا: لأنَّ الحَدَّ للزَّجرِ عنِ المَوضِعِ المُشتَهى، وقد وُجِدَ ذلك المَعنى كامِلًا، بَل هذا أفحَشُ؛ فكان بالعُقوبةِ أَولى وأحرى [777] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (2/ 270).  .
ثالِثًا: لاشتِراك الزِّنا واللِّواطِ في الفُحشِ، وفي كُلٍّ مِنهما فَسادٌ يُناقِضُ حِكمةَ اللهِ في خَلقِه وأمرِه، فإنَّ في اللِّواطِ مِنَ المَفاسِدِ ما يَفوتُ الحَصرَ والتَّعدادَ، ولأن يُقتَلَ المَفعولُ به خَيرٌ لَه مِن أن يُؤتى؛ فإنَّه يَفسُدُ فَسادًا لا يُرجى لَه بَعدَه صَلاحٌ أبَدًا [778] يُنظر: ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص: 164).  .

انظر أيضا: