الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: اشتِراطُ أن تَكونَ المَرأةُ طائِعةً مُختارةً


لا تُحَدُّ المَرأةُ إذا استُكرِهَت على الزِّنا أوِ اغتُصِبَت.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَول اللهِ تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
نَصَّ القُرآنُ على أنَّ الإكراهَ على كَلمةِ الكُفرِ لا يَضُرُّ، فإذا لم يَضُرَّ ذلك في الكُفرِ فأَولى أن لا يَضُرَّ في المَعاصي [104] يُنظر: ((طرح التثريب)) للعراقي (2/ 118). .
2- قَول اللهِ تعالى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور: 33] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دَلالةٌ على أنَّه لا إثمَ على المُكرَهةِ على الزِّنا، فيَلزَمُ أن لا يَجِبَ عليها الحَدُّ [105] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (12/ 321).  .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: التِّرمِذيُّ [106] قال التِّرمِذيُّ: (العَمَلُ على هذا عِندَ أهلِ العِلمِ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وغَيرِهم: أنْ ليسَ على المُستَكرَهةِ حَدٌّ). ((سنن الترمذي)) (4/ 55). ، وابنُ بَطَّالٍ [107] قال ابنُ بَطَّالٍ: (العُلماءُ مُتَّفِقونَ على أنَّه لا حَدَّ على امرَأةٍ مُستَكرَهةٍ). ((شرح صحيح البخاري)) (8/ 303). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [108] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا نَعلمُ خِلافًا بَينَ العُلماءِ أنَّ المُستَكرَهةَ لا حَدَّ عليها). ((الاستذكار)) (7/ 146).  وقال: (لا خِلافَ عليه عَلِمتُه بَينَ عُلماءِ السَّلفِ والخَلفِ أنَّ المُكرَهةَ على الزِّنا لا حَدَّ عليها، إذا صَحَّ إكراهُها واغتِصابُها نَفسَها). ((الاستذكار)) (7/ 511). ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ [109] قال ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ الإسلامِ أنَّ المُستَكرَهةَ لا حَدَّ عليها). ((بداية المجتهد)) (2/ 361). ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ [110] قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (لا يَجِبُ الحَدُّ على مُكرَهةٍ على الزِّنا في قَولِ عامَّةِ أهلِ العِلمِ، رُويَ ذلك عن عُمَرَ، والزُّهريِّ، وقتادةَ، والثَّوريِّ، والشَّافِعيِّ، وأصحابِ الرَّأيِ، ولا نَعلمُ فيه مُخالفًا). ((الشرح الكبير)) (10/ 184). ، والقُرطُبيُّ [111] قال القُرطُبيُّ: (العُلماءُ مُتَّفِقونَ على أنَّه لا حَدَّ على امرَأةٍ مُستَكرَهةٍ). ((تفسير القرطبي)) (10/ 185). ، وابنُ الهُمامِ [112] قال ابنُ الهُمامِ: (بخِلافِ إكراهِ المَرأةِ على الزِّنا؛ فإنَّه بالتَّمكينِ، وليس مَعَ التَّمكينِ دَليلُ الطَّواعيةِ، فلا تُحَدُّ إجماعًا). ((فتح القدير)) (5/ 273). .
ثالثًا: لأنَّ الحُدودَ تُدرَأُ بالشُّبُهاتِ، والإكراهُ شُبهةٌ، فيَمنَعُ الحَدَّ [113] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 60)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6 / 97)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 180). .

انظر أيضا: