الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثالثُ: حُكمُ قَتلِ المُسلِمِ عَمدًا بغَيرِ حَقٍّ


قَتلُ المُسلمِ بغَيرِ حَقٍّ حَرامٌ وكَبيرةٌ مِنَ الكَبائِرِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللَّهَ تعالى أوجَبَ المَأثَمَ بقَتلِ العَمدِ في قَولِه تعالى: فَجَزَاؤُه جَهَنَّمُ ... .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَبدِ اللَّهِ ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ، يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رَسولُ اللهِ، إلَّا بإحدى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، والنَّفسُ بالنَّفسِ، والتَّارِكُ لدينِه المُفارِقُ للجَماعةِ)) .
2- عن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خَطَبَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ النَّحرِ، قال: أتدرونَ أيُّ يَومٍ هذا؟ قُلنا: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيه بغَيرِ اسمِه، قال: أليسَ يَومَ النَّحرِ؟ قُلنا: بَلى، قال: أيُّ شَهرٍ هذا؟ قُلنا: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيه بغَيرِ اسمِه، فقال: أليسَ ذو الحِجَّةِ؟ قُلنا: بَلى، قال: أيُّ بَلدٍ هذا؟ قُلنا: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيه بغَيرِ اسمِه، قال: أليسَت بالبَلدةِ الحَرامِ؟ قُلنا: بَلى، قال: فإنَّ دِماءَكُم وأموالَكُم عليكُم حَرامٌ، كحُرمةِ يَومِكُم هذا، في شَهرِكُم هذا، في بَلدِكُم هذا إلى يَومٍ تَلقَونَ رَبَّكُم، ألا هَل بَلَّغتُ؟ قالوا: نَعَمْ، قال: اللهُمَّ اشهَدْ، فليُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ؛ فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى مِن سامِعٍ، فلا تَرجِعوا بَعدي كُفَّارًا يَضرِبُ بَعضُكُم رِقابَ بَعضٍ)) .
3- عن ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لن يَزالَ المُؤمِنُ في فُسحةٍ مِن دينِه، ما لم يُصِبْ دَمًا حَرامًا)) .
وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديثِ المُتَقدِّمةِ:
أنَّ مَنطوقَ هذه الأحاديثِ يَدُلُّ على أنَّ القَتلَ العَمدَ بغَيرِ حَقٍّ مُحَرَّمٌ، وأنَّه مِنَ الكَبائِرِ .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ ، وابنُ حَزمٍ ، والعِمْرانيُّ ، وابنُ قُدامةَ ، والنَّوَويُّ ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ .

انظر أيضا:

  1. (1) ((الهداية)) للمرغيناني (4/442).
  2. (2) أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676) واللفظ له.
  3. (3) أخرجه البخاري (1741) واللفظ له، ومسلم (1679).
  4. (4) أخرجه البخاري (6862).
  5. (5) ((العناية)) للبابرتي (13/64).
  6. (6) قال الماوَرديُّ: (فإذا ثَبَتَ تَحريمُ القَتلِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ مَعَ انعِقادِ الإجماعِ). ((الحاوي الكبير)) (12/6).
  7. (7) يُنظر: ((مراتب الإجماع)) (ص 137).
  8. (8) قال العِمرانيُّ: (أمَّا الإجماعُ: فإنَّه لا خِلافَ بَينَ الأُمَّةِ في تَحريمِ القَتلِ بغَيرِ حَقٍّ). (((البيان)) (11/297).
  9. (9) قال ابنُ قُدامةَ: (أجمَعَ المُسلمونَ على تَحريمِ القَتلِ بغَيرِ حَقٍّ، والأصلُ فيه الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ ... ولا خِلافَ بَينَ الأُمَّةِ في تَحريمِه، فإن فَعَله إنسانٌ مُتَعَمِّدًا فسَقَ، وأمرُه إلى اللهِ؛ إن شاءَ عَذَّبَه، وإن شاءَ غَفرَ له، وتَوبَتُه مَقبولةٌ في قَولِ أكثَرِ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (8/259).
  10. (10) قال النَّوويُّ: (مَعَ إجماعِ أهلِ الحَقِّ على أنَّ الزَّانيَ والسَّارِقَ والقاتِلَ وغَيرَهم مِن أصحابِ الكَبائِرِ غَيرِ الشِّركِ، لا يَكفُرونَ بذلك بَل هم مُؤمِنونَ ناقِصو الإيمانِ؛ إن تابوا سَقَطَت عُقوبَتُهم، وإن ماتوا مُصِرِّينَ على الكَبائِرِ كانوا في المَشيئةِ). ((شرح النووي على مسلم)) (2/41).
  11. (11) قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (أجمَعَ المُسلمونَ على تَحريمِ القَتلِ بغَيرِ حَقٍّ، والأصلُ فيه الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ). ((الشرح الكبير)) (9/318).