الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: إذا أفلَسَ المُشتَري بَعدَ قَبضِه للسِّلعةِ والبائِعُ لم يَقبِضْ ثَمَنَها


صاحِبُ السِّلعةِ إذا باعَ سِلعَتَه ولم يَقبِضْ ثَمَنَها وقد أفلسَ المُشتَري بَعدَ قَبضِه للسِّلعةِ، فصاحِبُ السِّلعةِ أحَقُّ بها، ويَكونُ بالخيارِ بَينَ الرُّجوعِ أو يَكونُ أُسوةَ الغُرَماءِ ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحنابِلةِ ، وهو قَولُ طائفةٍ من السَّلَفِ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أدرَكَ مالَه بعَينِه عِندَ رَجُلٍ أو إنسانٍ قد أفلَسَ، فهو أحَقُّ به مِن غَيرِهـ)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ البائِعَ واجِدٌ عَينَ مالِه عِندَ المُفلِسِ فهو أحَقُّ به إن شاءَ الرُّجوعَ فيه .
ثانيًا: أنَّ البَيعَ عَقدُ مُعاوَضةٍ فمُطلَقُه يَقتَضي التَّسويةَ بَينَ المُتَعاقِدَينِ، ثمَّ لو تَعَذَّرَ على المُشتَري قَبضُ المَبيعِ بالإباقِ ثَبَت للمُشتَري حَقُّ الفسخِ، فكَذلك إذا تَعَذَّرَ على البائِعِ قَبضُ الثَّمَنِ لإفلاسِ المُشتَري .

انظر أيضا:

  1. (1) أسْوَةُ الغُرَماءِ: الأُسْوَةُ: القدوةُ، أى: يَقْتَدِى بهم، فيكونُ مثلَ بقيَّةِ الغُرماءِ. يُنظر: ((الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي)) لابن عبد الهادي (2/492)، ((مجمع بحار الأنوار)) للكَجراتي (1/59).
  2. (2) ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/50)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/ 283)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (6/61).
  3. (3) ((الأم)) للشافعي (3/203)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/144). ويُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (6/160).
  4. (4) ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/426)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهوتي (2/161-162).
  5. (5) قال العمرانيُّ: (إن كان في الغُرَماءِ من باع شَيئًا منَ المُفلِسِ قَبل الإفلاسِ، ولم يَقبِضِ الثَّمَنَ، ووجَدَ عَينَ مالِه على صِفتِه خاليًا عن حَقِّ غَيرِه.. فالبائِعُ بالخيارِ: بَينَ أن يَضرِبَ مَعَ الغُرَماءِ بالثَّمَنِ، وبَينَ أن يَرجِعَ في عَينِ مالِه... وبه قال في الصَّحابةِ: عُثمانُ، وعليٌّ، وأبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنهم وأرضاهم، ولا يُعرَفُ لهم مُخالِفٌ في الصَّحابةِ، ومنَ التَّابعَينِ: عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ، ومنَ الفُقَهاءِ: أحمَدُ، وإسحاقُ، ومالِكٌ، رَحمةُ اللهِ عليهم). ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) (6/160).
  6. (6) أخرجه البخاري (2402) واللفظ له، ومسلم (1559).
  7. (7) يُنظر: ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/425).
  8. (8) يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (13/165).