الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابعُ: حُكمُ ضمانِ المرأةِ


يَصِحُّ ضمانُ المرأةِ مُطلقًا، سواءٌ كانت متزوِّجةً أو غيرَ مُتزَوِّجةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وقال به ابنُ حَزمٍ الظَّاهِريُّ .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكِتابِ
قَولُه تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 12] .
وقَولُه تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى? حَتَّى? إِذَا بَلَغُوا النَّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء: 6] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دَلالةٌ على نُفوذِ تصَرُّفِ المرأةِ في مالِها دونَ إذنِ زَوجِها .
ثانيًا: من السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَجَ يومَ أضحى أو فِطرٍ، فصلَّى ركعتَينِ، لم يُصَلِّ قَبْلَها ولا بَعْدَها، ثمَّ أتى النِّساءَ ومعه بلالٌ، فأمَرَهنَّ بالصَّدَقةِ، فجعَلَت المرأةُ تُلقي خُرْصَها، وتُلقي سِخابَها)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عَطيَّةَ المرأةِ البالِغةِ وصَدقَتَها بغيرِ إذنِ زَوجِها جائزةٌ ماضيةٌ، ولو كان ذلك مفتَقِرًا إلى الأزواجِ لم يكُنْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليأمُرَهنَّ بالصَّدَقةِ قَبلَ أن يَسألَ أزواجَهنَّ الإذنَ لهُنَّ في ذلك .
2 - عن ميمونةَ بنتِ الحارِثِ أمِّ المُؤمِنين رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها أعتَقَت وليدةً ولم تستأذِنِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا كان يومُها الذي يدورُ عليها فيه قالت: أشعَرَتْ يا رسولَ اللهِ أنِّي أعتَقْتُ وَليدتي؟ قال: ((أوَفعَلْتِ؟ قالت: نعم، قال: أمَا إنَّكِ لو أعطَيتِها أخوالَكِ كان أعظَمَ لأجْرِك)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّها أعتَقَت قَبلَ أن تستأمِرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانت رشيدةً فلم يَستدرِكْ ذلك عليها، بل أرشَدَها إلى ما هو الأَولى، فلو كان لا يَنفُذُ لها تصَرُّفٌ في مالِها لأبطَلَه .
ثالثًا: لأنَّ الضَّمانَ عَقدٌ يُقصَدُ به المالُ، فصَحَّ منها كالبَيعِ .
رابعًا: أنَّ تصَرُّفَها بالضَّمانِ صحيحٌ كسائِرِ تصَرُّفاتِها

انظر أيضا:

  1. (1) ((الدر المختار)) للحَصْكَفي (5/ 284(. ويُنظَر: ((الأصل)) لمحمد بن الحسن الشيباني (10/ 373).
  2. (2) ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (10/ 361)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 242).
  3. (3) ((الإنصاف)) للمَرْداوي (5/ 192). ويُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامة (4/ 405).
  4. (4) قال ابنُ حزمٍ: (وحُكمُ العبدِ والحُرِّ، والمرأةِ والرَّجُلِ، والكافِرِ والمُؤمِنِ: سواءٌ؛ لعُمومِ النَّصِّ). ((المحلَّى بالآثار)) لابن حزم (6/ 404).
  5. (5) يُنظَر: ((عمدة القاري)) للعيني (2/ 124).
  6. (6) أخرجه البخاري (5881)، ومسلم (884) واللَّفظُ له.
  7. (7) يُنظَر: ((معالم السنن)) للخطَّابي (1/ 253).
  8. (8) أخرجه البخاري (2592) واللَّفظُ له، ومسلم (999)
  9. (9) يُنظَر: ((إرشاد الساري)) للقَسْطَلَّاني (4/ 348).
  10. (10) يُنظَر: ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لشمس الدين ابن قُدامةَ (5/ 74).
  11. (11) ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (10/ 361)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (4/ 242).