موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّالِثُ: تحويلُ اللَّازِمِ إلى مُتَعَدٍّ


الفِعلُ اللازمُ يصيرُ مُتعَدِّيًا بأحدِ الأسبابِ الآتيةِ:
1- بالهَمْزةِ: فإن كان الفِعلُ لازمًا فإنَّه يصيرُ متعَدِّيًا إلى مفعولٍ واحدٍ، وإن كان متعَدِّيًا إلى واحدٍ فإنَّه يصيرُ مُتعَدِّيًا إلى اثنَينِ، وإن كان متعَدِّيًا إلى اثنَينِ وليس من بابِ (عَلِمَ)، فإنَّه لا يتعَدَّى إلى ثلاثةٍ إجماعًا، فبابُ (عَلِمَ) فقط هو الذي يتعَدَّى إلى ثلاثةٍ، مِثْلُ: أعلَمْتُ الطَّالِبَ الامتِحانَ سَهلًا.
وفي التعَدِّي بالهَمْزةِ أربَعةُ مَذاهِبَ:
ذهب الأخفَشُ وأبو عَلِيٍّ الفارِسيُّ إلى أنَّ التعَدِّيَ بالهَمْزةِ قِياسٌ في الفِعلِ اللَّازِمِ والمتعَدِّي لمفعولٍ واحِدٍ.
وذهب ابنُ أبي الرَّبيعِ إلى أنَّ التعَدِّيَ بالهَمْزةِ قِياسٌ في اللَّازِمِ فقط، سماعٌ في المتعَدِّي لمفعولٍ واحِدٍ، وهو ظاهِرُ مَذهَبِ سِيبَوَيهِ.
ذهَبَ المُبَرِّدُ إلى أنَّه سماعٌ في اللَّازِمِ والمتعَدِّي.
ذهب أبو عَمرٍو وغَيرُه إلى أنَّه قياسٌ في كُلِّ فِعلٍ إلَّا في بابِ (عَلِم) [736] يُنظر: ((المساعد)) لابن عقيل (1/ 446).
2- بالتضعيفِ: تَضعيفِ العَينِ، مِثْلُ: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ... [الحج: 30] ، وقَولِ زُهَيرِ بنِ أبي سُلْمَى من الطويل:
ومَنْ يغْتَرِبْ يَحسَبْ عَدُوًّا صَديقَهُ
ومَن لا يُكرِّمْ نفسَهُ لا يُكرَّمِ [737] يُنظر: ((شرح المعلقات السبع)) للزوزني (ص: 151).
وفي التعَدِّي بالتضعيفِ مَذهَبانِ؛ الأوَّلُ: أنَّه قياسٌ، والثَّاني: أنَّه سماعٌ، والصَّحيحُ المذهَبُ الثَّاني.
3- بواسِطةِ حَرفِ الجَرِّ: الفِعلُ اللَّازِمُ قد يتعَلَّقُ بمفعولٍ به في المعنى، فتكونُ تَعْدِيتُه بحرَفِ الجَرِّ، ومِنَ العُلَماءِ مَن لا يُسَمِّي ذلك تَعْديةً، والصَّحيحُ أنَّه يُسَمَّى مُتعَدِّيًا، مِثْلُ: مرَرْتُ بزَيدٍ، وغَضِبْتُ على عَمْروٍ، ويُبنى منه اسمُ المفعولِ معدًّى بالحَرْفِ، تقولُ: زيدٌ ممرورٌ به، وعَمرٌو مغضوبٌ عليه.
وقد يُحذَفُ حَرفُ الجَرِّ:
وحَذْفُ الجارِّ سَماعيٌّ؛ مِثْلُ قَولِ جَريرٍ من الوافر:
تمُرُّونَ الدِّيارَ ولم تَعُوجُوا
كَلامُكمُ عليَّ إذنْ حَرامُ [738] يُنظر: ((خزانة الأدب)) للبغدادي (9/ 118).
أي: تمُرُّونَ على الدِّيارِ، ولم تُعَرِّجوا عَلَيَّ!
ويَكونُ حَذْفُ الجارِّ مُطَّرِدًا قَبْلَ (أنَّ، وأنْ)، بشَرطِ أن يُفهَمَ المرادُ، كقَولِه تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران: 18] ، فمَفهومٌ أنَّ اللهَ شَهِدَ على وَحْدانيَّتِه، وقَولُه تعالى: أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ [الأعراف: 63] ، والتقديرُ: أوعَجِبْتُم من أن جاءَكم.
فإن كان الفِعلُ يتعَدَّى بحَرْفَي جَرٍّ مختَلِفَينِ في المعنى، ولم يُفهَمِ المقصودُ إن حُذِفَ حَرفُ الجَرِّ، فلا يجوزُ أن يُحذَفَ، مِثْلُ: رَغِبْتُ أن تجتَهِدَ؛ فنحن لا نَفهَمُ هل هي رَغبةٌ عن الاجتِهادِ أو في الاجتِهادِ.
فإن كان الحَذْفُ بعد غَيرِ (أنَّ، وأنْ)، فالصَّحيحُ أنَّه مقصورٌ على السَّماعِ.
4- بزيادةِ أَلِفِ المُفاعَلةِ، مِثْلُ: جالَسَ خالِدٌ الكِبارَ.
5- زيادةُ الهَمْزةِ والسِّينِ والتاءِ في أوَّلِه، مِثْلُ: استخرَجَ المُهَندِسون البِترولَ.
6- تحويلُ الفِعلِ إلى بابِ (نَصَر يَنْصُرُ) للدَّلالةِ على المُغالَبةِ، مِثْلُ: عالَمَني فعَلَمْتُه فأنا أعْلُمُه، أي: أنا أفوقُه في العِلْمِ.
7- بالتَّضمينِ: وهو أن نجعَلَ للفِعلِ اللَّازِمِ معنى فِعْلٍ مُتعَدٍّ، كقَولِ اللهِ تعالى: وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة: 235] ، فأُشْرِبَ الفِعلُ (تَعْزِموا) معنى (تَنْوُوا) فتعَدَّى؛ لأنَّ (تَنْوُوا) مُتعَدٍّ.
وإشرابُ الفِعْلِ اللَّازِمِ معنى فِعلٍ مُتعَدٍّ غالبًا يأتي فيما يتعَدَّى بحَرفِ الجَرِّ، فيجعَلُه مُتَعَدِّيًا بنَفْسِه، والنُّحاةُ يختَلِفون هنا؛ فمنهم من قاس ذلك لكَثرتِه، ومنهم من يَقصُرُه على السَّماعِ [739] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (4/ 2089 – 2095)، ((دروس التصريف)) لمحمد محيي الدين عبد الحميد (ص:197 – 202). .

انظر أيضا: