موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ السَّادِسُ: النَّصْبُ بحَذفِ حَرفِ الجرِّ:


قد يُحذَفُ حَرفُ الجرِّ ويُنصَبُ المجرورُ به على المفعوليَّةِ، لغَرَضٍ بَلاغيٍّ أو مَعنويٍّ أو دَلاليٍّ، فلا يُحذف اعتباطًا. وهو سَماعيٌّ لا يُقاسُ عليه.
إلَّا إذا كان المجرورُ مَصْدَرًا مُؤَوَّلًا مِن "أَنْ والفِعْل" أو "أَنَّ ومَعموليها"، فهو جائزٌ إذا أُمِنَ اللَّبْسُ، كقَولِه تعالى: أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا [الأعراف: 63] ، أَي: مِن أَن جاءكم، وقَولِه سُبحانهُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران: 18] ، أَي بأنَّه.
وممَّا ورد بنَزعِ الخافِضِ قَولُ الشَّاعِر:
تمرُّون الدِّيارَ ولم تَعُوجُوا
كلامُكُمُ عليَّ إذَنْ حَرامُ
فالأصلُ: تمُرُّونَ بالدِّيارِ، فحَذَف الباءَ ونَصَب ما بَعْدَها.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
أستغفِرُ اللهَ ذَنبًا لستُ مُحْصِيَهُ
ربَّ العِبادِ إليه الوَجْهُ والعَمَلُ
أي: أستَغفِرُ اللهَ مِن ذَنبٍ.
ومنه قَولُ عَمرِو بنِ مَعْدِيكَرِبَ:
أَمَرتْكُ الخيْرَ فافْعَلْ ما أُمِرتَ به
فقد تركتُكَ ذا مالٍ وذا نَشَبِ
فأصلُ الكلامِ: أمَرْتُك بالخيرِ.
ومنه قَولُه تعالى: وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا [الأعراف: 155] ، أي: مِن قَومِه.
ومعنى السَّماعِ هنا أنَّه لا يجوزُ فِعلُ ذلك في غيرِ ما ورد عن العَرَبِ؛ فلا يقالُ: نمتُ السَّريرَ وأكلَتُ المطبَخَ يُنظَر: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان الأندلسي (7/ 18)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 341)، ((حاشية الصبان)) (3/ 280). .

انظر أيضا: