موسوعة اللغة العربية

المطلَبُ الثَّالِثُ: صَفِيُّ الدِّينِ الحِلِّيُّ


هو صَفِيُّ الدِّينِ، عَبدُ العزيزِ بنُ سَرايا بنِ عَليِّ بنِ أبي القاسِمِ، الطَّائيُّ الحِلِّيُّ، شاعِرُ عَصرِه، البليغُ المفوَّهُ. وُلِدَ سَنةَ (677هـ) في الحِلَّةِ بَيْنَ الكُوفةِ وبغدادَ، وتعَلَّمَ البيانَ والمعانيَ في صِغَرِه، اشتَغَل بالتِّجارةِ، فكان يرحَلُ إلى الشَّامِ ومِصرَ ومارِدِينَ وغيرِها ثمَّ يرجِعُ إلى بَلَدِه، وفي أثناءِ تلك الرِّحلاتِ كان يفِدُ على الملوكِ والأمَراءِ والوُزَراءِ فيَمدَحُهم، واجتمع بابنِ سَيِّدِ النَّاسِ وأبي حيَّانَ الأندَلُسيِّ، فأقرُّوا له بالفَضلِ والموهِبةِ، توفِّيَ سنةَ (750هـ)، وله ديوانٌ حافلٌ بالقصائِدِ المطوَّلةِ والمقطوعاتِ الصَّغيرةِ، وله في مَدحِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم البديعيَّةُ المعروفةُ، أقحَمَ فيها فنونَ البديعِ. وكان مُتَّهمًا بالرَّفضِ، وظهَر ذلك في شِعرِه وإن تنصَّلَ منه [89] يُنظَر: ((فوات الوفيات)) لابن شاكر (2/ 335)، ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) لابن حجر (3/ 165). .
ومِن شِعْرِه [90] يُنظَر: ((ديوان صفي الدين الحلي)) (ص: 30). : المتقارب
وعَدتَ جَميلًا وأخلَفتَهُ
وذلك بالحُرِّ لا يَجمُلُ
وقُلتَ بأنَّكَ لي ناصِرٌ
إذا قابَلَ الجَحفَلَ الجَحفَلُ
وكَم قَد نَصَرتُكَ في مَعرَكٍ
تَحَطَّمُ فيهِ القَنا الذُّبَّلُ
ولستُ أمُنُّ بِفِعلي عليكَ
فأُعجِبُ بِالقَولِ أو أُعجِلُ
بذا يتفاوَتُ قَدرُ الرِّجا
لِ فتَعلَمُ أيُّهُمُ الأكمَلُ
كما قالَهُ الصَّقرُ في عِزَّةٍ
بِهِ حينَ فاخَرَهُ البُلبُلُ
وقال أراكَ جَليسَ المُلوكِ
ومِن فَوقِ أيديهِمُ تُحمَلُ
وأنتَ كما عَلِموا أخرَسٌ
وعن بَعضِ ما قُلتُهُ تَنكُلُ
وأُحبَسُ مع أنَّني ناطِقٌ
وقَدرِيَ عِندَهُمُ مُهمَلُ
فقال صَدَقتَ ولكنَّهُم
بذاكَ دَرَوا أنَّني الأفضَلُ
لأنِّي فَعَلتُ وما قُلتُ قَطُّ
وأنتَ تقولُ ولا تَفعَلُ
وقَولُه كذلك [91] يُنظَر: ((ديوان صفي الدين الحلي)) (ص: 33). : الكامل
صَبرًا عَلى وعدِ الزَّمانِ وإن لَوى
فعَساهُ يُصبِحُ تائِبًا مِمَّا جَنى
لا يُجزِعَنَّكَ أنَّه رَفَعَ العِدَى
فلسوف يَهدِمهُ قَليلٌ ما بَنى
حَكَموا فَجاروا في القَضاءِ وما دَرَوا
أنَّ المَراتِبَ تَستَحيلُ إلى فَنا
ظَنُّوا الوِلايَةَ أن تَدومَ عَليهِمُ
هَيهاتَ لو دامَت لَهُم دامَت لَنا
قَتَلوا رِجالي بَعدَ أن فَتَكوا بِهِم
في وقعَةِ الزَّوراءِ فَتكًا بَيِّنا
كُلُّ الذينَ غَشُوا الوَقيعةَ قُتِّلوا
ما فازَ مِنهُم سالِمًا إلَّا أنا
ليس الفِرارُ عَلَيَّ عارًا بَعدَما
شَهِدوا ببَأسي يَومَ مُشتَبَكِ القَنا
إن كُنتُ أوَّلَ مَن نَأى عن أرضِهِم
قد كُنتُ يَومَ الحَربِ أوَّلَ مَن دَنا
أبعَدْتُ عن أرضِ العِراقِ رَكائِبي
عِلمًا بأنَّ الحَزمَ نِعمَ المُقتَنى
لا أختَشي مِن ذِلَّةٍ أو قِلَّةٍ
عِزِّي لِساني والقَناعَةُ لي غِنى
جُبتُ البِلادَ ولستُ مُتَّخِذًا بها
سَكَنًا ولم أرْضَ الثُّرَيَّا مَسْكَنا
حتَّى أنَختُ بِمارِدِينَ مَطِيَّتي
فهناكَ قال ليَ الزَّمانُ لَكَ الهَنا
في ظِلِّ مَلْكٍ مُذْ حَلَلتُ برَبعِهِ
أمسى لِسانُ الدَّهرِ عنِّي أَلْكَنا
نَظَرَ الخُطوبَ وقد قَسَونَ فَلانَ لي
ورَأى الزَّمانَ وقد أساءَ فأَحسَنا

انظر أيضا: