موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الخامِسُ: الفَخْرُ


وهو غَرَضٌ قَديمٌ مِن الأغْراضِ الشِّعْريَّةِ، اسْتَمرَّ معَ الشِّعْرِ وسارَ معَه، ولم تَمْحُه الأيَّامُ ولم تَطمِسْه صُروفُ الأعْوامِ، بلْ ولا يَزيدُه تَقدُّمُ الزَّمانِ إلَّا بعضَ التَّطوُّرِ الَّذي يُضْفي عليه لَمْسةً مِن الجَمالِ، ويوشيه بحَليِ البَلاغةِ ويُرصِّعُه بجَواهِرِ البَراعةِ.
وهذا الغَرَضُ يَتَغنَّى فيه الشُّعَراءُ بمِثاليَّتِهم الفَرْديَّةِ أو القَبَليَّةِ، فيَفخَرونُ مُعدِّدينَ مآثِرَهم مِن الشَّرَفِ والكَرَمِ والعِزِّ والمُروءةِ والمَجْدِ، وإذا كانَ الخَليفةُ أو الأميرُ شاعِرًا فإنَّه يَفخَرُ بنفْسِه وبأعْمالِه الَّتي أنْجَزَها، وبآثارِه الَّتي شَيَّدَها، ويَذكُرُ حِكْمتَه في الحُكْمِ، وحُسْنَ تَدْبيرِه للأمْرِ، وعُلُوَّ هِمَّتِه، وبُعْدَ غايتِه، ومِن ذلك قَصيدةُ عبْدِ الرَّحْمنِ الدَّاخِلِ يَفتَخِرُ بنفْسِه:
شَتَّانَ مَن قامَ ذا امْتِعاضٍ
فشالَ ما قَلَّ واضْمَحلَّا
ومَن غَدا ‌مُصْلِتًا ‌لعَزْمٍ
مُجَرِّدًا للعُداةِ نَصْلا
فجابَ قَفْرًا وشَقَّ بَحْرًا
ولم يكُنْ في الأنامِ كَلَّا
فشادَ مُلْكًا وشادَ عِزًّا
ومِنبَرًا للخِطابِ فَصْلا
وجَنَّدَ الجُنْدَ حينَ أوْدى
ومَصَّرَ المِصْرَ حينَ أجْلى
ثُمَّ دَعا أهْلَه جَميعًا
حيثُ انْتَأَوا أن هَلُمَّ أهْلا [720] ((نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب)) للتلمساني (3/44)

انظر أيضا: