موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الثَّاني عَشَرَ: عَبدُ القاهِرِ الجُرْجانيُّ (ت: 471 هـ)


أبو بَكرٍ، عَبدُ القاهِرِ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مُحَمَّدٍ، الجُرْجانيُّ، النَّحْويُّ.
مِن مَشَايِخِه:
أبو الحُسَينِ ابنُ عَبدِ الوارِثِ (ابنُ أختِ أبي عليٍّ الفارسيِّ).
ومِن تَلَامِذَتِه:
عليُّ بنُ زَيدٍ الفَصيحيُّ، وأبو زكريا ابن الخطيب التبريزي.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان مِن كِبارِ أئمَّةِ العَرَبيَّةِ والبَيانِ، وهو أوَّلُ من دوَّن عِلمَ المعاني، أخذ النَّحْوَ عن أبي الحُسَينِ (ابنِ أختِ أبي عليٍّ الفارِسيِّ)، ولم يأخُذْ عن غيرِه؛ لأنَّه لم يخرُجْ عن بلَدِه، وقرأ ونظر في تصانيفِ النُّحاةِ والأُدَباء، وتصدَّر بجُرْجانَ، وحُثَّت إليه الرِّحالُ، وصنَّف التصانيفَ الجليلةَ، وكلامُه في فُنونِ القَولِ وغَوصُه على جواهِرِه يدُلُّ على تبَحُّرِه وكثرةِ اطِّلاعِه.
ومِن شِعْرِه:
كَبِّرْ على العِلْمِ يا خليلي
ومِلْ إِلى الجَهلِ مَيْلَ هائِمْ
وعِشْ حِمارًا تَعِشْ سَعيدًا
فالسَّعدُ في طالِعِ البَهائِمْ
عَقيدتُه:
قال الذَّهبيُّ: ((كان متكَلِّمًا على طَريقةِ الأَشْعريِّ مع دينٍ وسُكونٍ)) [458] ينظر: ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (10/ 333). ، وقال ابنُ شاكِرٍ الكَتبيُّ: ((وكان شافِعيَّ المذهَبِ أشعريَّ الأُصولِ)) [459] ينظر: ((فوات الوفيات)) لابن شاكر (2/ 370). .
وفي كُتُبِه ما يدُلُّ على ذلك؛ فمنها قَولُه في تفسيرِ قَولِه تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: 115] : ((ثَمَّ: اسمُ ظرفٍ مشارٌ إليه، و وَجْهُ اللَّهِ ليس كأوجُهِ خَلْقِه، وهو خالِقُ الوُجوهِ متعالٍ عن الحُلولِ في الجِهاتِ والأقطارِ، وهو أقرَبُ مِن حَبلِ الوَريدِ سُبحانَه وتعالى، وقد أَوَّلَ مَنْ أَوَّلَ مِن أصحابِنا بأنَّه الإقبالُ بالرَّحمةِ والرِّضوانِ والقَبولِ. وهو ممكِنٌ أن يكونَ مُرادًا)) [460] ينظر: ((درج الدرر في تفسير الآي والسور)) لعبد القاهر الجرجاني (1/ 277). .
وقال أيضًا: ((وإرضاءُ اللهِ لَفظٌ مجازٌ، وحقيقتُه: إتيانُ ما يرضاه اللهُ مِن الفِعْلِ، والتغييرُ حاصِلٌ في مُبتغى الرِّضا دونَ اللهِ)) [461] ينظر: ((درج الدرر في تفسير الآي والسور)) لعبد القاهر الجرجاني (2/ 896). .
وقال: ((يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ عبارةٌ عن شِدَّةِ الأمرِ)) [462] ينظر: ((درج الدرر في تفسير الآي والسور)) لعبد القاهر الجرجاني (4/ 1653). .
وقال في تفسيرِ قَولِه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 150، 151]: ((وفي الآيةِ دليلٌ أنَّ الإيمانَ لا يَزيدُ ولا يَنقُصُ، وأنَّه لا مِنزلةَ بَيْنَ المنزِلَتينِ، وأنَّ من اتخذ مِن ذلك سبيلًا كان كافِرًا حقًّا؛ لأنَّ اللهَ يَشهَدُ بالصِّدقِ لجَميعِهم، فمَن كَذَّب بالبَعضِ فقد كذَّب بالكُلِّ)) [463] ينظر: ((درج الدرر في تفسير الآي والسور)) لعبد القاهر الجرجاني (2/ 642). .
وقال: ((وإنَّما قال: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ليُنَوِّهَ بذِكْرِه تعويضًا عن تقديمِه، أو ليُعلِمَ أنَّه أتى بالتَّوراةِ ولم يأتِ به مَكتوبًا عامَّةً للحُجَّةِ بما أتى من الكَلامِ المُعجِزِ وإن لم يكُنْ مَكتوبًا من السَّماءِ، وأكَّد بالمصدَرِ ليُعلَمَ أنَّ اللهَ كَلَّمَهُ حقيقةً، وخاطبَه خِطابًا، وليَحسِمَ تَوَهُّمَ المجازِ ... والتكَلُّمُ صِفةٌ للهِ تعالى حقيقةٌ مِن غيرِ كَيفيَّةٍ)) [464] ينظر: ((درج الدرر في تفسير الآي والسور)) لعبد القاهر الجرجاني (2/ 644). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((أسرار البلاغة))، وكتاب: ((دلائل الإعجاز))، وكتاب: ((الجُمَل)) في النَّحْو، وكتاب: ((إعجاز القُرآنِ))، وكتاب: ((العوامِل المِائة))، وكتاب: ((العمد)) في التصريفِ.
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ واحدٍ وسبعين وأربَعِ مِائة، وقيل: أربعٍ وسبعين وأربعِ مائة [465] يُنظَر: ((بغية الوعاة)) للسيوطي (2/106)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (2/189-190)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص: 186)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (10/332). .

انظر أيضا: