موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الثَّامِنُ: أبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى (ت: 209 هـ)


أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى، التيميُّ مَوْلَاهم، البَصْرِيُّ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، المُفَسِّر، صاحِبُ التصانيفِ.
مَولِدُه:
وُلِد سنةَ عَشرٍ ومائةٍ.
مِن مشايخِه:
هشامُ بنُ عُرْوَة، وأبو عَمْرِو بنُ العَلَاء، ورُؤبةُ بنُ العجَّاج، وغيلان بن مُحَمَّد اليافعي، ويونُسُ بنُ حبَيب.ٍ
ومِن تَلامِذَتِه:
عليُّ بن المَدِينِي، وأبو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلَّام، وأبو عُثْمَان المَازِنِي، وعُمَر بن شَبَّة، وعليُّ بن المُغِيرة.
مَنزِلتُه ومكانتُه:
كان أبو عُبَيدة أحَدَ أئِمَّة اللُّغَة والأَدَب وأيَّامِ النَّاس؛ فكان مِن أعْلَمِ النَّاسِ باللُّغَة وأخْبَار العَرَب وأنْسَابِها، وله في ذلك مُصَنَّفَاتٌ، وهو أوَّلُ مَن صَنَّف في غَرِيب الحَدِيث.
ومع كوْنِه مِن بُحُور العِلْم إلَّا أنه لم يكن بالمَاهِر بكِتَاب اللهِ، ولا العَارِفِ بسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا البَصِيرِ بالفِقْهِ واخْتِلَافِ أئِمَّة الاجْتِهَاد، كما أنه لم يعرف وزن الشعر، ولم يكُ يحسن إقامة وزنِ بيتٍ يقرؤه حتى يكسره.
عَقيدتُه:
كان مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى خارجيًّا، يعتَقِدُ مَذهَبَ الخوارجِ؛ فيُعَطِّلُ الصِّفاتِ، ويقولُ بخَلقِ القُرآنِ.
فمن ذلك قَولُه في تفسيرِ قَولِه تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة: 64] : ((أي: خيرُ اللهِ مُمسَكٌ)) [134] ينظر: ((مجاز القرآن)) لأبي عبيدة (1/ 170). ، وقال في قولِه تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39] : (مَجازُه: ولِتُغَذَّى ولِتُرَبَّى على ما أُريدُ وأُحِبُّ، يُقالُ: اتَّخِذْهُ لى على عَيني، أي: على ما أردْتُ وهَوِيتُ) [135] ينظر: ((مجاز القرآن)) لأبي عبيدة (2/19). ، وأوَّلَ الوجهَ بالذَّاتِ في قولِه تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] [136] ينظر: ((مجاز القرآن)) لأبي عبيدة (2/112). .
إلَّا أنَّه لم يكُنْ يَنْفي جميعَ الصِّفاتِ، بلْ أثبَتَ بعضُها، كالاستواءِ؛ قال في قولِه تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] : (أي: عَلا، يُقالُ: استَويتُ فوْقَ الدَّابَّةِ، وعلى البعيرِ، وعلى الجبَلِ، وفوْقَ البيتِ، أي: علَوتُ عليه وفَوْقَه) [137] ينظر: ((مجاز القرآن)) لأبي عبيدة (2/15). .
كما أنَّه كان شُعُوبيًّا يحتَقِرُ الجِنسَ العَرَبيَّ، وألَّف كتابًا في مثالِبِهم، كما أنَّه لم يكُنْ يحفَظُ القُرآنَ، بل إذا قرَأَه أخطَأَ في قراءَتِه [138] ينظر: ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (5/ 235)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (9/ 446). .
مُصنَّفاتُه:
قيل: تُقارِبُ مِائَتَيْ مُصَنَّفٍ.
مِنها: كتاب: ((اللُّغَات))، وكتاب: ((المصادر))، وكتاب: ((فَعَل وأفْعَلَ))، وكتاب: ((مَا تَلْحَن فِيهِ العَامَّة))، وكتاب: ((مَجَاز القرآن))، وكتاب: ((مَعَاني القُرْآن))، وكتاب: ((غريب الحديث))، وكتاب: ((مقتل عثمان))، وكتاب: ((الأمثال فِي غَرِيب الحَدِيث))، وكتاب: ((المثالب))، وكتاب: ((أيَّام العَرَب))، وكتاب: ((الخَيل))، وكتاب: ((الإِبِل))، وكتاب: ((السَّيْف)).
وفاتُه:
تُوفِّي سَنةَ تِسعٍ ومائَتَينِ. أو ثمانٍ ومائَتَينِ، أو إحدى عَشْرةَ ومائَتَينِ [139] يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/ 13، 14)، ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 175)، تاريخ دمشق لابن عساكر (59/ 423)، ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص 84)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (6/ 2704)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 276)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (5/ 235)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (9/ 445)، ((البداية والنهاية)) لابن كثير (8/ 401)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 295)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 294). .

انظر أيضا: