موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّامِنُ: تعدُّد الخَبَر


قد يُخبَرُ عن المُبتَدَأِ بخَبَرٍ واحدٍ، أو يُخبَرُ عنه بأكثَرَ من خَبَر؛ اثنينِ فأكثَرَ.
وتعَدُّدُ الخَبَرِ له ثلاثُ صُوَرٍ:
أولًا: أن يتعدَّد لفظًا ومعنًى والمخْبَرُ عنه واحِدٌ، نَحوُ قَولِه تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج: 14 - 16] ، «هو» مُبتَدَأٌ، و«الغَفور» خَبَر أوَّلُ، و«الودودُ» خَبَرٌ ثانٍ، و«ذو العَرشِ» خَبَرٌ ثالثٌ، و«المَجيدُ» خَبَرٌ رابعٌ، و«فعَّال» خَبَرٌ خامِسٌ.
وهذه الصورةُ يجوزُ فيها عطفُ الخَبَر الثَّاني وما بَعْدَه على الخَبَر الأوَّلِ، لكن يُعرَبُ ما بعد حرفِ العَطفِ مَعطوفًا لا خَبَرًا ثانيًا، ثالثًا...، مِثلُ: محمدٌ كريمٌ وشجاعٌ وعادلٌ وحكيمٌ.
ثانيًا: أن يتعدَّدَ الخَبَر في اللَّفظ فقط، دون المعْنى؛ لقيامِه مقامَ خَبَرٍ واحدٍ في اللَّفظ، نَحوُ: زَيدٌ أعسَرُ يَسَرٌ الذي يَعْمَلُ بكِلْتَا يَدَيْه: أَعْسَرُ يَسَرٌ، ولا تَقُلْ: أَعْسَرُ أَيْسَرُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) (ص 208). ، أي: عاملٌ بكِلْتا يَدَيه، ومنه قَولُك: هذا حُلْوٌ حامِضٌ، أي متوسِّطٌ بين الحلاوةِ والحُموضةِ.
وفي هذه الصُّورةِ لا يجوزُ العطفُ، بلْ يُعرَبُ كلٌّ منهما خَبَرًا.
ثالثًا: أن يتعدَّد لفظًا ومعْنًى لتعدُّدِ المخْبَرِ عنه حقيقةً أو حُكمًا يُوصَفُ المبتدأُ بأنَّه متعَدِّدٌ في نفسِه حقيقةً حين يكونُ ذا فردَينِ أو أفرادٍ، أي: حين يكونُ مُثنًّى أو جمعًا، ويُوصَفُ بأنه متعدِّدٌ حُكمًا حين يكونُ منفردًا -أي: شيئًا واحدًا- ولكنَّه ذو أجزاءٍ وأقسامٍ. يُنظَر: ((النحو الوافي)) (1/ 530). ؛ فمثالُ التعَدُّدِ الحقيقيِّ: المُسلِمون فُقهاءُ وعلماءُ ومُهْندِسون، أي: منهم فُقهاءُ، ومنهم عُلَماءُ، ومنهم مُهندِسون، ومِثالُ التعدُّدِ الحُكْميِّ قولُك: البيتُ سقْفٌ وحِيطانٌ وقواعدُ، ومنه قولُه تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ [الحديد: 20] .
وفي هذه الصُّورةِ يجِبُ العَطفُ، ويُعرَبُ ما بعد حَرفِ العَطفِ مَعطوفًا، لكِنَّه خَبَرٌ في المعنى يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (1/326). .

انظر أيضا: