موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: مَوضوعُ الفَنِّ


قال ضِياءُ الدِّينِ ابنُ الأثيرِ: (مَوضوعُ كُلِّ عِلمٍ هو الشَّيءُ الَّذي يُسأَلُ فيه عن أحوالِه الَّتي تَعْرِضُ لِذاتِه؛ فمَوضوعُ الفِقْهِ هو أفعالُ المُكَلَّفينَ، والفَقيهُ يُسأَلُ عن أحوالِها الَّتي تَعْرِضُ لها؛ مِنَ الفَرْضِ والنَّفْلِ، والحَلالِ والحَرامِ، والنَّدْبِ والمُباحِ، وغَيرِ ذلك، ومَوضوعُ الطِّبِّ هو بَدَنُ الإنسانِ، والطَّبيبُ يُسأَلُ عن أحوالِه الَّتي تَعْرِضُ له من صِحَّتِه وسَقَمِه، وموضوعُ الحِسابِ هو الأعدادُ، والحاسِبُ يُسأَلُ عن أحوالِها الَّتي تَعْرِضُ لها مِنَ الضَّرْبِ والقِسْمةِ والنِّسْبةِ، وغَيرِ ذلك) [11] يُنظر: ((المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر)) لابن الأثير (1/ 26). .
كذلك مَوضوعُ فَنِّ الإنشاءِ؛ فهو مَعرِفةُ أُصولِ الكِتابةِ وفُنونِها، وما يَستَتْبِعُ ذلك من أساليبِ الكَلامِ وطَرائِقِ التَّعبيرِ، وما يجِبُ أن تكونَ عليه ثقافةُ المُنشِئِ لِيَكونَ بَليغًا في إنشائِه، مِن حَيثُ قُوَّةُ التَّركيبِ وإصابةُ المعنى [12] يُنظر: ((الوسيط في قواعد الإملاء والإنشاء)) لعمر فاروق الطباع (ص: 147). .
ويَظهَرُ الفَرْقُ بَيْنَ فَنِّ الإنشاءِ وعِلمِ البَلاغةِ في أنَّ الإنشاءَ لا يَتعَلَّقُ إلَّا بالكَلامِ المُشتَمِلِ على جُمَلٍ كَثيرةٍ، ولا يدخُلُ الجُملةَ الواحِدةَ المُفيدةَ، إلَّا أنَّ بَعْضَ أبوابٍ مِنَ البَلاغةِ لا تخلو من شَديدِ انتِسابٍ بمسائِلِ الإنشاءِ؛ كالفَصْلِ والوَصْلِ، والإيجازِ والإطنابِ، وبَعْضِ المحسِّناتِ البَديعيَّةِ [13] يُنظر: ((أصول الإنشاء والخطابة)) لابن عاشور (ص: 49). .

انظر أيضا: