موسوعة اللغة العربية

المبحث الثَّاني: تاريخُ التَّصْنيفاتِ اللُّغويَّةِ


في السِّتِّينيَّاتِ مِنَ القَرْنِ الماضي جرَتْ عِدَّةُ مُحاوَلاتٍ لإثْباتِ العَلاقةِ القَديمةِ الدَّقيقةِ بَينَ العائِلاتِ اللُّغويَّةِ الثَّماني المَذْكورةِ أعْلاه، الَّتي تمَّ دَمْجُها في عائِلةِ نوستراتيك اللُّغويَّةِ. وبعدَها تمَّ بنَجاحٍ بِناءُ صَوتيَّاتٍ مُقارَنةٍ للُّغاتِ، وتَتبُّعُ المُراسلاتِ والتَّواصُلاتِ الصَّوتيَّةِ المُنْتظِمةِ في أكْثَرَ مِن 600 جَذْرٍ واللَّواحِقِ اللُّغويَّةِ. إنَّ مَوقِفَ عائِلاتِ اللُّغتَين؛ الأبْخازيَّةِ الأديغيَّةِ والنَّاكِستانيَّةِ الدَّاغِستانيَّةِ في القُوقازِ- يُعَدُّ مَوقِفًا غيرَ واضِحٍ؛ حيثُ يَقومُ العَديدُ مِن عُلَماءِ اللُّغةِ بدَمْجِها معَ اللُّغاتِ الكارتفيليَّةِ في الأُسْرةِ اللُّغويَّةِ الأيبيريَّةِ القُوقازيَّةِ، ومعَ ذلك لم يَتِمَّ إثْباتُ إنْشاءِ مُراسَلاتٍ صَوتيَّةٍ مُنْتظِمةٍ، فتمَّ العُثورُ على عَددٍ قَليلٍ مِنَ الجُذورِ القُوقازيَّةِ الشَّائِعةِ الاسْتِخدامِ. ولكنْ لا يَزالُ المَوقِعُ الجِينيُّ لِعائِلةِ اللُّغاتِ الحوريَّةِ-الأورارتيَّةِ، الَّذي يَرْبِطُه بعضُ اللُّغويِّين بالنوستراتيك، وآخَرون بلُغاتِ ناخيان داغِستان، ويُعَدُّ مَوقِفُ هؤلاء العُلَماءِ مَوضِعًا للنِّقاشِ، فيَعتقِدُ بعضُ الباحِثين بوُجودِ عائِلةِ اللُّغةِ الألتيَّةِ الَّتي تُوحِّدُ اللُّغاتِ التُّرْكيَّةَ والمَنْغوليَّةَ والمانشو-تونجوسيَّةَ، وكذلك اللُّغتانِ الكُوريَّةُ واليابانيَّةُ مِن مُعْتقَدِ بعضِ عُلَماءِ اللُّغةِ، ولكنْ لا جِدالَ على وُجودِ عَددٍ كَبيرٍ مِنَ الجُذورِ المُشْترَكةِ والمُراسَلاتِ والاتِّصالاتِ الصَّوتيَّةِ المُنْتظِمةِ في هذه اللُّغاتِ.
ومعَ ذلك مِن أجْلِ تَحْديدِ قاعِدةٍ نِهائيَّةٍ لطَبيعةِ العَلاقاتِ بَينَ هذه اللُّغاتِ يُعْتقَدُ أنَّه مِنَ الضَّروريِّ التَّأكُّدُ مِن حَجْمِ عَددِ الجُذورِ الألتيَّةِ المُشْترَكةِ واللَّواحِقِ اللُّغويَّةِ الَّتي لا يُمكِنُ أن يُوجَدُ فيها تَفْسيرٌ للمُصادَفاتِ اللُّغويَّةِ عن طَريقِ الاقْتِراضِ والاسْتِعارةِ اللُّغويَّةِ. كما تُعَدُّ أهمَّ العائِلاتِ اللُّغويَّةِ في جَنوبِ وجَنوبِ شَرقِ آسيا: العائِلاتُ النِّمْساويَّةُ والتَّاي-كاداي ومياو-ياو وأوسترون-سيان (الملايو البولينيزيَّة)؛ حيثُ تُعَدُّ مِن بَينَ اللُّغاتِ الأوروبِّيَّةِ الآسيويَّةِ الَّتي لا تَنْدرِجُ ضِمنَ هذه المَجْموعاتِ الافْتِراضيَّةِ عائِلةُ اللُّغةِ الصِّينيَّةِ التِّبْتيَّةِ، وعائِلاتُ الينيسي والأندامانية واللُّغاتُ المَعْزولَةُ، مِثلُ: الباسك، والبوروشاسكي، والأينو، واللُّغاتُ القَديمةُ، مِثلُ: السُّومريَّةِ والكاسيتيَّةِ، كما تُشكِّلُ اللُّغاتُ الأسْتراليَّةُ عائِلةً خاصَّةً بهم، فيُعَدُّ الوَضْعُ الجِينيُّ للُغاتِ تسمانيا المُنْقرضَةِ غيرِ المَدْروسةِ تَقْريبًا وَضْعًا غيرَ مَعْروفٍ، فتمَّ دَمجُ كلِّ المَجْموعاتِ اللُّغويَّةِ الإفْريقيَّةِ العَديدةِ باسْتِثناءِ لُغاتِ Semito-Hamitic بواسِطةِ اللُّغويِّ الأمريكيِّ جرينبيرج في ثَلاثِ عائِلاتٍ افْتِراضيَّةٍ، وهم: النِّيجر- ومِثالٌ عليها كردفان في ذلك البانتو، وصَحراءُ نيلو، وخويسان. ومعَ ذلك فإنَّ عَمليَّةَ التَّوحيدِ في هذه العائِلاتِ الَّتي يتمُّ الجَدَلُ عليها باسْتِمرارٍ وبكَثْرةٍ في المُتوازياتِ المُعجَميَّةِ واللُّغويَّةِ [282] يُنظَر: مقال: ((علم اللغة الاجتماعي والتصنيفات اللُّغويَّة)) ندين حمدان، https://t.ly/yO5n .

انظر أيضا: