موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: مَوقِفُ الباحِثينَ مِنَ التضادِّ


اختَلَفَ الباحِثونَ في وُرودِه في اللُّغةِ العَربيَّةِ اختِلافَهم في وُرودِ المُشتَرَكِ نَفسِه، وقد كان منَ الطَّبيعيِّ أن يُنكِرَه ابنُ دَرَستَوَيه لإنكارِه الاشتِراكَ اللَّفظيَّ؛ فأفرِدُ كِتابًا لتَأييدِ رَأيِه سمَّاه ((إبطالَ الأضدادِ))، وذَهبَ فريقٌ إلى كثرةِ ورودِه، وأورَدوا له شَواهدَ، ومنهمُ الخَليلُ وسِيبَوَيه، وأبو عُبيدةَ والثَّعالبيُّ، والسُّيوطيُّ، وقد جَعل بَعضُهم مُؤَلَّفاتٍ على حِدةٍ لسَردِ أمثِلَتِه، لَعَلَّ من أشهَرِها كِتابُ ((الأضدادِ)) لابنِ الأنباريِّ، والحَقيقةُ أنَّ كثيرًا من ألفاظِ التَّضادِّ يُمكِنُ تَأويلُه على وجهٍ آخَرَ يُخرِجُه من هذا البابِ؛ ففي بَعضِ الأمثِلةِ استُعمِلَ اللَّفظُ في ضِدِّ ما وُضِعَ لمُجَرَّدِ التَّفاؤُلِ، كـ(السَّليمِ) للمَلدوغِ، والرَّيانِ والنَّاهلِ للعَطشانِ، أو للتَّهكُّمِ، كإطلاقِ لَفظِ (العاقِل) على المَعتُوه أوِ الأحمَقِ، وقد يَجيءُ التَّضادُّ في الظَّاهرِ منِ اختِلافِ مُؤَدَّى المَعنى الواحِدِ باختِلافِ المَواقِعِ، وذلك مِثلُ كَلِمةِ: (فوقَ) التي قالوا: إنَّها قد تَستَعمِلُ في ضِدِّ مَعناها الأصليِّ، فتَأتي بمَعنى (دُونَ)، كما في قَولِه تَعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة: 26] ، أي: فما دُونَها [298] يُنظر: ((الأضداد)) لابن الأنباري (ص: 1: 13)، ((المزهر)) للسيوطي (ص: 305-306)، ((فقه اللغة العربية وخصائصها)) لإميل بديع يعقوب (ص: 181-185). .

انظر أيضا: