موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ السَّادِسُ: صِلَةُ النَّحتِ بالاشتِقاقِ


في قضيَّةِ نَسَبِ النَّحتِ إلى الاشتِقاقِ انقَسَم باحِثو علمِ اللُّغةِ إلى أربَعِ فِرَقٍ:
الفَريقُ الأوَّلُ: هذا الفريقُ يرى أنَّ النَّحتَ يُعَدُّ غريبًا عن نظامِ اللُّغةِ العَرَبيَّةِ المُشتَقَّةِ؛ من أجلِ ذلك لا يصلُحُ أن يُعَدَّ قِسمًا من الاشتقاقِ فيها، وحجَّتُه في ذلك أنَّ عُلَماءَ اللُّغةِ المتقَدِّمين لم يعتَبِروه من أنواعِ الاشتِقاقِ؛ وذلك لأنَّ غايةَ النَّحتِ الاختِصارُ ليس إلَّا، أمَّا الاشتقاقُ فغايتُه استِحضارُ معنًى جديدٍ [220] يُنظر: ((دراسات في فقه اللغة)) لصبحي صالح (ص: 243 – 244). .
الفَريقُ الثَّاني: يرى أنَّ مُراعاةَ معنى الاشتقاقِ جَعَل النَّحتَ نوعًا منه؛ فكُلٌّ منهما هو توليدُ شَيءٍ من شَيءٍ، وكُلٌّ منهما أصلٌ وفَرعٌ، ولا يَظهَرُ الفَرقُ بينهما إلَّا عن طريقِ اشتقاقِ كَلِمةٍ من كَلِمَتينِ أو أكثَرَ على طريقةِ النَّحتِ، واشتِقاقِ كَلِمةٍ من كَلِمةٍ أُخرى قياسًا على التَّصريفِ [221] يُنظر: ((الاشتقاق)) لفؤاد ترزي (ص: 269)، ((فقه اللغة وخصائص العربية)) لمحمد المبارك (ص: 148، 149)، ((فقه اللغة العربية وخصائصها)) لإميل يعقوب: (ص: 209) وهامشه. .
الفَريقُ الثَّالثُ: وهذا الفَريقُ رائِدُه الشَّيخُ عَبدُ القادِرِ المَغرِبيُّ، ورأيُه في هذه المسألةِ مُتوَسِّط بَينَ الفريقَينِ السَّابِقَينِ؛ فرأى أنَّ النَّحتَ من قَبيلِ الاشتِقاقِ وليس اشتِقاقًا بالفِعلِ؛ لأنَّ الاشتِقاقَ أن تَنزِعَ من كَلِمةٍ، والنَّحتَ أن تَنزِعَ من كلمَتَينِ أو أكثَرَ [222] يُنظر: ((الاشتقاق والتعريب)) للمغربي (ص: 13). .
الفَريقُ الرَّابِعُ: العَلَّامةُ مَحمود شُكري الأَلوسيُّ انفرد بهذا، وقد أدرَجَ النَّحتَ في بابِ الاشتِقاقِ الأكبَرِ، فيَقولُ: (والنَّحتُ بأنواعِه من قِسمِ الاشتِقاقِ الأكبَرِ) [223] يُنظر: ((الاشتقاق والتعريب)) للمغربي (ص: 13). .
وعِندَه أنَّ الاشتِقاقَ الأكبَرَ هو: (أن يُؤخَذَ لَفظٌ من لَفظٍ، من غَيرِ أن تُعتَبَرَ جَميعُ الحُروفِ الأُصولِ للمَأخوذِ منه، ولا التَّرتيبُ فيها، بَل يُكتَفى بمُناسَبةِ الحُروفِ في المَخرَجِ، ومَثَّلوه بمِثلِ: نَعَق، منَ النَّهقِ، والحَوقَلةِ من جُملةِ: لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ؛ للدَّلالةِ على التَّلَفُّظِ بها) [224] يُنظر: ((النحت وبيان حقيقته ونبذة من قواعده)) لمحمود شكري الألوسي (ص: 18). .
 والشَّيخُ المَغرِبيُّ قال: إنَّ النَّحتَ ليس اشتِقاقًا ولكِنَّه من قَبيلِ الاشتِقاقِ، وذلك لظُهورِ عُنصُرِ التَّوليدِ، الذي هو أساسُ الاشتِقاقِ [225] يُنظر: ((فقه اللغات العروبية وخصائص العربية)) لخالد نعيم الشناوي (253-254). .

انظر أيضا: