موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الثَّامِنُ: تَفاوُتُ دَلالاتِ الكَلماتِ على مَعانيها


ليستِ الكَلماتُ سواءً في دَلالَتِها على المَعنى؛ فمنَ الكَلماتِ ما هيَ أصدَقُ في وصفِ الشَّيءِ من كلماتٍ أُخرى وألصَقُ بالمَعنى، أو أكثَرُ تَمثيلًا له أمامَ العُيونِ.
والألفاظُ تَتَفاوتُ فيما بَيْنَها جَمالًا وقُبحًا من حيث دَلالَتُها على المَعنى وعلى جَوانِبِه المُختَلفةِ، وإنَّ المُتَكَلِّمَ يَستَعينُ على حَسَبِ قَصدِه بألفاظٍ قد تَسترُ جانِبَ القُبحِ في الأشياءِ أو تَكشِفُ عنه، وإنَّ الألفاظَ يَجِبُ أن تُختارَ لتُلائِمَ مَوقِعَها في الجُمَلِ وفي صياغةِ المَجازِ، وفي الآيةِ منَ المَعنى المُرادِ، هذا جَمالُها في مَعناها ومَعرِضِها، ويَتَّصِلُ بهما جَمالُها في جَرْسِها على حَسَبِ السِّياقِ، ثُمَّ إنَّ من جَمال الأُسلوبِ ما يُستَعانُ فيه بالألفاظِ وجَرْسِها ونِظامِها، كما في المُزاوَجةِ والسَّجْعِ [157] يُنظر: ((معترك الأقران في إعجاز القرآن)) للسيوطي (1/ 295). .
فعَلاقةُ اللَّفظِ وما يَطرَأُ عليه من تَغييرٍ صَوتيٍّ بالمَعنى: من خَصائِصِ اللُّغةِ العَربيَّةِ التي نالَت عِنايةَ كثيرٍ من عُلَماءِ اللُّغةِ القُدامى والمُحْدَثينَ، فمِن ذلك كَلِمَتا (صَعِدَ) و(سَعِدَ)؛ فقدْ جعَلَت العربُ الصَّادَ -لأنَّها أقوى- لِما فيه أثرٌ مُشاهَدٌ يُرَى، وهو الصُّعودُ في الجبلِ والحائطِ، ونحْوِ ذلك، وجعَلوا السِّينَ -لضعْفِها- لِما لا يَظهَرُ ولا يُشاهَدُ حسًّا، إلَّا أنَّه مع ذلك فيه صُعودُ الجدِّ، لا صُعودُ الجسمِ... فجعَلوا الصَّادَ -لقُوَّتِها- فيما يُشاهَدُ من الأفعالِ المعالَجةِ المتجشَّمةِ، وجعَلوا السِّينَ -لضعْفِها- فيما تَعرِفُه النفْسُ وإنْ لم تَرَه العيْنُ [158] يُنظر: ((دراسات في فقه اللغة)) لصبحي صالح (ص: 141-172)، ((خصائص العربية)) لحبيب غزالة (ص: 14-43). .

انظر أيضا: