موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: الجمْعُ


هو: أنْ يُجمَعَ بَيْنَ مُتعدِّدٍ في حُكْمٍ واحِدٍ، أو: أنْ يُجمَعَ بَيْنَ شَيئَينِ فأكْثرَ في حكْمٍ واحِدٍ؛ بأنْ يُعمَدَ إلى شَيئَينِ مُخْتلفَينِ مثلًا فيُثبَتَ لهما جِهةٌ جامِعةٌ يتَّحدانِ بها.
كقَولِه تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف: 46] ؛ فجمَع بَيْنَ المالِ والبَنينَ بجِهةٍ جامِعةٍ، وهي أنَّهما معًا زِينةُ الدُّنيا، وقوله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [النحل: 8] ؛ حيث جمَعَ بيْن تلك الأصنافِ بكَونِها تُستخدَمُ في الرُّكوبِ والزِّينةِ.
ومنه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ أصبَحَ منكم آمِنًا فِي سِرْبِه، مُعافًى في جَسَدِه، عندَه قُوتُ يومِه؛ فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا )) [403] أخرجه الترمذي (2346) واللفظ له، وابن ماجه (4141) من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه. ، ومَعْناه: أنَّ مَنْ رُزِق الأمْنَ مِن كلِّ بَلاءٍ يتَّقيه، والعافِيةَ مِن كلِّ داءٍ يُؤذيه، وأُعطِيَ بُلْغَةَ يومِه الَّذي هو فيه؛ فقد أحاطَ بما يُهِمُّه في الدُّنيا أطرافِه ونواحيه؛ فجمَع هذه الأمُورَ الثَّلاثةَ لأنَّها أصلُ المَقاصِدِ الدُّنيويَّةِ.
ومنه قولُ أبي العَتاهِيَةِ: الرجز
علِمْتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسْعَدَهْ
أنَّ الشَّبابَ والفَراغَ والجِدَهْ
مَفْسَدَةٌ للمَرءِ أيُّ مَفْسَدَهْ
فجمَع بَيْنَ ثَلاثةِ الأمُورِ، بجامِعِ أنَّها جَميعًا مَفْسدةٌ.
ومنه قولُ ابنِ مَعْصومٍ: الكامل
إنَّ المَكارِمَ والفَضائِلَ والنَّدى
طَبْعٌ جُبِلتَ عليه غيرَ تَطَبُّعِ
والمَجدَ والشَّرفَ المُؤمَّلَ والعُلا
وقْفٌ عليك وليس بالمُسْتودَعِ
حيثُ جمَع الشَّاعرُ بَيْنَ المَكارِمِ والفَضائِلِ والكَرمِ في أنَّها جميعًا قد طُبِع عليها المَمْدوحُ وخُلِق بها، ثمَّ جمَع أيضًا بَيْنَ المجْدِ والشَّرفِ والعُلا في أنَّها كذلك خاصَّتُه وليست مُستَعارةً أو جَديدةً عليه.
ومنه قولُ صفِّيِ الدِّينِ الحِلِّيِّ: البسيط
آراؤُهُ وعَطاياهُ ونِقمَتُه
وعَفوُهُ رَحْمةٌ للنَّاسِ كلِّهمِ
فجمَع الشَّاعرُ آراءَ المَمْدوحِ وجُودَه وغضَبَه وعَفوَه، في أنَّهم جَميعًا رَحمةٌ لجَميعِ النَّاسِ [404] ينظر: ((أنوار الربيع في أنواع البديع)) لابن معصوم المدني (3/371)، ((علم البديع)) لعبد العزيز عتيق (ص: 155). .

انظر أيضا: