موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: القَصْرُ باعْتبارِ الواقِعِ والحَقيقةِ


يَنْقسِمُ القصْرُ باعْتبارِ الحقيقةِ والواقِعِ إلى قِسْمَينِ:
1- قصْرٍ حَقيقيٍّ: وهُو أنْ يَختَصَّ المَقْصورُ بالمَقْصورِ عليه بحسَبِ الحَقيقةِ والواقِعِ؛ بألَّا يَتعدَّاه إلى غيرِه، وهو نوعانِ:
أ- القصرُ الحقيقيُّ التَّحقيقيُّ: وهو ما كان التَّخصيصُ فيه بالنِّسبةِ للحقيقةِ، بحيث لا يَتجاوَزُ المقصورُ المقصورَ عليه أصْلًا، ومَعْنى ذلك: أنَّ التَّخْصيصَ الَّذي يُفيدُه يَدعَمُه الواقِعُ والحَقيقةُ، ففي قولِك: "لا خالِقَ إلَّا اللهُ" تَوْضيحٌ لِهذا، فلا يُوجَدُ أحدٌ غيرُ اللهِ يتَّصفُ بصفةِ الخَلْقِ في الواقِعِ. ومِثلُه قولُك: "لا إلهَ إلَّا اللهُ"، "إنَّما الشَّفيعُ مُحمَّدٌ" [259] أي: الشَّفاعةُ العُظمى الَّتي تكونُ لتخليصِ العِبادِ مِن الوُقوفِ يومَ الحَشْرِ ويفصِلُ اللهُ عزَّ وجَلَّ بينهم بالقَضاءِ؛ وإلا فهناك شفاعاتٌ يَشفَعُ فيها غيرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليست مقتصِرةً عليه. ينظر: مبحث أنواع الشفاعة، من الموسوعة العقدية، على موقع الدرر السنية. ، ونحوُ ذلك.
والمَلْحوظُ أنَّ ذلك النَّوعَ لا يَتحقَّقُ إلَّا في قصْرِ الصِّفةِ على المَوْصوفِ، ولا يُوجَدُ في قصْرِ المَوْصوفِ على الصِّفةِ قصْرًا حَقيقيًّا تَحقيقيًّا؛ لأنَّه مِنَ المُتعذِّرِ أنْ نجِدَ شيئًا لا يَتَّصفُ إلَّا بصفةٍ واحِدةٍ حتَّى يُتصوَّرَ قصْرُه عليها قَصْرًا حَقيقيًّا تَحقيقيًّا.
ب- القصرُ الحقيقيُّ الادِّعائيُّ: وهو أنْ يُختَصَّ المقصورُ بالمقصورِ عليه مِن بابِ المبالَغةِ والادِّعاءِ، فكأنَّ ما سِواه مِن قَبيلِ المعدومِ الذي لا يُعتَدُّ به، كقولِهم: "لا فتًى إلَّا علِيٌّ" و"لا سَيْفَ إلَّا ذو الفقارِ".
2- قَصْرٍ إضافيٍّ: وهُو أنْ يَخْتصَّ المَقْصورُ بالمَقْصورِ عليه بحسَبِ الإضافةِ والنِّسبةِ إلى شيءٍ آخَرَ مُعيَّنٍ، لا لجَميعِ ما عداه.
ومِثالُ ذلك قولُك: ما مُسافِرٌ إلَّا زيدٌ، فإنَّك لا تُريدُ قصْرَ السَّفرِ عن جَميعِ النَّاسِ سِوى زيدٍ، وإنَّما تُريدُ قصْرَه عن شخْصٍ آخَرَ غيرِه، كأنْ يَظُنَّ المُخاطَبُ أنَّ عليًّا مُسافِرٌ كذلك، فتُريدُ بقولِك هذا قصْرَ السَّفرِ على زيدٍ إضافةً إلى غيرِه ممَّن تَعْرفُه، وإلَّا فالواقِعُ يَشهَدُ ببُطلانِ خُلوِّ العالَمِ مِن مُسافِرٍ غيرِ زيدٍ [260] ينظر: ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 170)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حبنكة (1/ 523)، ((مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح)) لابن يعقوب المغربي (1/ 408). .

انظر أيضا: