المَطْلَبُ الثَّامِنُ: إبْدالُ المِيمِ
أُبدِلتِ المِيمُ مِن أرْبَعةِ أحْرُفٍ، هي: الواوُ والياءُ، والنُّونُ واللَّامُ.
فأمَّا إبْدالُها مِنَ الواوِ فإبْدالٌ لازِمٌ في كَلِمةٍ واحِدةٍ، وهي: فَمٌ، وأصْلُها: فَوْهٌ
.
إبْدالُ المِيمِ مِنَ النُّونِ:أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ النُّونِ في كَلِمةِ البَنانِ: قالوا: البَنامُ، كقَولِ رُؤْبةَ بنِ العجَّاجِ مِنَ الرَّجَز:
يا هالَ ذاتَ المَنْطِقِ التِّمتامِ
وكفِّك المُخَضَّبِ البَنامِ
أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ النُّونِ في قَولِ العَربِ: طامه اللهُ على الخَيرِ، والأصْلُ: طانَهُ اللهُ على الخَيرِ، أيُ: جَبَلَهُ، كقَولِه:
لقد كان حُرًّا يَستحِي أنْ تَضُمَّه
ألَا تلك نفْسٌ طِيْنَ فيها حَياؤُها
وعندَ أبي حيَّانَ أنَّهما أصْلَان
.
أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ النُّونِ في حَنْظَل، وأنْغَرَتِ الشَّاةُ؛ يَقولون: حَمْظَل، وأمْغَرَتِ الشَّاةُ، أيْ: إذا خرَج معَ لبنِها دَمٌ بِسببِ داءٍ أصابها
.
إبْدالُ المِيمِ مِنَ الباءِ:أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ الباءِ في قولِهم لِلسَّحابِ الأبْيضِ الَّذي يَمُرُّ أَواخِرَ الرَّبيعِ: بَناتُ مَخْرٍ، والأصْلُ: بَنات بَخْرٍ
، وإنَّما كان الأصْلُ بالباءِ؛ لأنَّ البَخْرَ مُشتَقٌّ مِنَ البُخارِ؛ لأنَّ السَّحابَ يَنشأ في الأصْلِ عن بُخارِ البَحرِ؛ قال طَرَفةُ مِنَ الرَّمَل:
كبَناتِ المَخْرِ يَمأدْنَ كما
أنْبتَ الصَّيفُ عساليجَ الخَضِرْ
أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ الباءِ في قولِ العَربِ: ما زال راتمًا على كذا، أيْ: ما زال راتِبًا، أيْ: مُقِيمًا.
أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ الباءِ في قولِهم: رأيتُه مِن كَثَمٍ، أيْ: رأيتُه مِن كَثَبٍ، أيْ: مِن قُرْبٍ، والدَّليلُ على أنَّ الأصْلَ بِالباءِ أنَّهم قالوا: قد أكْثبَ هذا الأمْرُ، ولم يقولوا: قد أكْثمَ.
أُبدِلتِ المِيمُ مِنَ الباءِ في قولِهم: نُغَم، والأصْلُ: نُغَب جَمْعُ نُغْبة، وهِيَ الجُرعةُ، كقولِه مِنَ البَسيط:
فبادَرَتْ شِرْبَها عَجْلى مُثابِرَةً
حتَّى اسْتَقتْ دُونَ مَحْنى جِيدِها نُغَما
إبْدالُ المِيمِ مِنَ اللَّامِ:أُبدِلتِ المِيمُ مِن لامِ التَّعريفِ وهِيَ طائِيَّةٌ، ومنه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (ليس مِن امْبرِّ امْصيامُ في امْسفرِ
)
.