الموسوعة العقدية

 الْعَفْوُ وَالمُعَافَاةُ

صِفةٌ ذَاتيَّةٌ فعليَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ثابتةٌ له بالكِتابِ والسُّنَّةِ، ومعناها الصَّفْحُ عن الذُّنوبِ، و(العَفُوُّ) اسمٌ للهِ تعالى.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تَعالَى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 43] .
2- قَولُه: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُم [التوبة: 43] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
1- حديثُ الدُّعاءِ على الجِنازة: ((اللهمَّ اغْفِرْ له وارحَمْه، وعَافِهِ واعْفُ عنه... )) [2511] أخرجه مسلم (963) من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه. .
2- حَدِيثُ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((اللهُمَّ أعوذُ برِضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبمُعافاتِكَ من عُقُوبتكَ... )) [2512] أخرجه مسلم (486). . ولا يُستعاذُ إلَّا باللهِ أو بصِفةٍ مِن صِفاتِه.
قال الزَّجَّاجُ: (العَفْوُ. يُقالُ: عَفَوتُ عن الشَّيءِ أعفو عنه إذا تركْتَه، وعفا عن ذَنْبِه: إذا تَرَك العُقوبةَ عليه، واللهُ تعالى عَفُوٌّ عن الذُّنوبِ وتارِكٌ العُقوبةَ عليها) [2513] يُنظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص: 62). .
وقال الزَّجَّاجيُّ: (العَفُوُّ: فَعُولٌ، مِن قَولِك: عفا يعفو عَفْوًا فهو عَفُوٌّ، فاللهُ عَزَّ وجَلَّ هو عَفُوٌّ عن خَلْقِه، غفورٌ لهم. قال الخليلُ بنُ أحمدَ: كُلُّ من استحَقَّ عُقوبةً فترَكْتَه ولم تُعاقِبْه عليها، فقد عَفَوتَ عنه عَفْوًا) [2514] يُنظر: ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 134). .
وقال الأزهريُّ: (قال أبو بكرِ بنُ الأنباريِّ: الأصلُ في قَولِه جلَّ وعزَّ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التوبة: 43] : محا اللهُ عنك؛ مأخوذٌ مِن قولهم: عَفَتِ الرِّياحُ الآثارَ: إذا دَرَسَتْهَا ومَحَتْهَا…) [2515] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) (3/222). .
وقال الخطَّابيُّ: (العَفُوُّ: وَزْنُه فَعولٌ مِنَ العَفْوِ، وهو بناءُ المبالغةِ. والعَفْوُ: الصَّفحُ عن الذُّنوبِ، وتَركُ مجازاةِ المُسيءِ، وقيل: إنَّ العَفْوَ مأخوذٌ مِن عَفَتِ الرِّيحُ الأثَرَ: إذا درَسَتْه، فكان العافي عن الذَّنبِ يمحوه بصَفْحِه عنه) [2516] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 90). .
وقال الحليميُّ: (العَفُوُّ: ومعناه الواضِعُ عن عبادِه تَبِعاتِ خَطاياهم وآثامَهم، فلا يَستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستَغفَروا، أو ترَكَوا لوَجْهِه أعظَمَ ما فَعَلوا؛ لِيُكَفِّرَ عنهم ما فَعَلوا بما تَرَكوا، أو بشَفاعةِ مَن يَشفَعُ لهم، أو يجعَلُ ذلك كرامةً لذي حُرمةٍ لهم به، وجزاءً له بعَمَلِه) [2517] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 201). .
وقال ابنُ القَيِّم:
(وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى               لَوْلَاهُ غَارَ الْأَرْضُ بِالسُّكَّانِ) [2518] يُنظر: ((الكافية الشافية)) (1/717). .
وقال السَّعْديُّ: (العَفُوُّ، الغفورُ، الغفَّارُ: الذي لم يَزَلْ ولا يزالُ بالعفْوِ معروفًا، وبالغُفْرانِ والصَّفْحِ عن عبادِه موصوفًا) [2519] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (5/300). .

انظر أيضا: