الموسوعة العقدية

المبحثُ السَّادِسُ: مِن عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ في الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهمُ الشَّهادةُ لِمِن شَهِدَ لهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالجَنَّةِ

مِن عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ أنَّهم يَشهَدونَ لِمَن شَهدَ لهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالجَنَّةِ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم.
ومِن ذلك العَشَرةُ المُبَشَّرونَ بالجَنَّةِ.
عن سَعيدِ بن زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عَشَرةٌ في الجَنَّةِ: أبو بَكْرٍ في الجَنَّةِ، وعُمَرُ في الجَنَّةِ، وعَليٌّ وعُثمانُ والزُّبَيرُ وطَلحةُ وعَبدُ الرَّحمَنِ وأبو عُبَيدةَ وسَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ )) قال: فعَدَّ هَؤُلاءِ التِّسعةَ وسَكتَ عنِ العاشِرِ! فقال القَومُ: نَنشُدُكَ اللهَ يا أبا الأعورِ مَنِ العاشِرُ؟ قال: نَشَدْتُموني باللهِ! أبو الأعوَرِ في الجَنَّةِ [1994] أخرجه الترمذي (3748) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8195). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3748)، وقال البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (5/648): هو أصح، وقال الترمذي: هذا أصح، وقال ابن حجر في ((الإمتاع)) (1/104): له شواهد. .
 قال المُبارَكْفوريُّ: (قَد وقَعَ في هَذا الحَديثِ ذِكرُ العَشَرةِ وبِشارَتُهم، ولَعَلَّ هَذا هو السَّبَبُ في شُهْرَتِهِم بهَذِه البِشارةِ، وإن لم تَكُن مَخصوصةً بهِم، «نَنشُدُكَ اللهَ» أي: نَسألُكَ باللَّهِ ونُقسِمُ عليكَ «يا أبا الأعوَرِ»، هو كُنيةُ سَعيدِ بنِ زَيدٍ) [1995] يُنظر: ((تحفة الأحوذي)) (10/ 172). .
قال الطَّحاويُّ: (العَشَرةُ الَّذينَ سَمَّاهُم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَشَّرَهم بالجَنَّةِ نَشهَدُ لهم بالجَنَّةِ عَلى ما شَهِدَ لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقَولُهُ الحَقُّ، وهم: أبو بَكْرٍ، وعُمرُ، وعُثمانُ، وعَليٌّ، وطَلحةُ، والزُّبيرُ، وسَعدٌ، وسَعيدٌ، وعَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ، وأبو عُبيدةَ بنُ الجَرَّاحِ، وهوَ أمينُ هَذِه الأمَّةِ، رَضِيَ اللهُ عنهم أجمَعينَ) [1996] يُنظر: ((متن الطحاوية)) (ص: 82). .
ومِنهم عُكَّاشةُ بنُ مِحصَنٍ الأسْديُّ رَضِيَ اللهُ عنه.
فعن عِمْرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَدخُلُ الجَنَّةَ مِن أمَّتي سَبعونَ ألفًا بغَيرِ حِسابٍ، قالوا: ومَن هم يا رَسولَ اللَّهِ؟ قال: همُ الَّذينَ لا يَكتَوُونَ، ولا يَستَرْقونَ، وعَلى رَبِّهم يَتَوَكَّلونَ ))، فقامَ عُكَّاشةُ، فقال: ادْعُ اللهَ أن يَجعَلَني مِنهم، قال: ((أنتَ مِنهم)) [1997] رواه مسلم (218). .
ومِنهم ثابِتُ بنُ قَيسِ بنِ شَمَّاسٍ الأنصاريُّ الخَزرَجيُّ رَضِيَ اللهُ عنه.
فعن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: لَمَّا نَزَلَت هَذِه الآيةُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات: 2] إلى آخِرِ الآيةِ، جَلسَ ثابِتُ بْنُ قَيسٍ في بَيتِه، فسَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَعدَ بنَ مُعاذٍ فقال: ((يا أبا عَمْرٍو، وما شَأنُ ثابِتٍ؟ اشتَكى ؟)) قال سَعدٌ: إنَّهُ لجاري وما عَلِمْتُ لهُ بشَكوى، قال: فأتاهَ سَعدٌ فذكَرَ لهُ قَولَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال ثابِتٌ: أُنزِلَت هَذِه الآيةُ، ولقد عَلِمتُم أنِّي مِن أرفَعِكم صَوتًا عَلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأنا مِن أهلِ النَّارِ! فذَكَرَ ذلك سَعدٌ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بَل هو مِن أهلِ الجَنَّةِ)) [1998] رواه البخاري (3613)، ومسلم (119) واللَّفظُ له. . وفي رِوايةٍ عن أنسٍ قال: فكُنَّا نراهُ يَمشي بينَ أظهُرِنا رَجُلٌ مِن أهلِ الجَنَّةِ [1999] رواه مسلم (119). !
ومِنهم حارِثةُ بنُ سُراقةَ الأنصاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه.
فعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أُصيبَ حارِثةُ يَومَ بَدرٍ وهوَ غُلامٌ، فجاءَت أمُّهُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا رَسولَ اللهِ قَد عَرَفْتَ مَنزِلةَ حارِثةَ مِنِّي، فإن يَكُنْ في الجَنَّةِ أصبِرْ وأحتَسِبْ، وإن تَكُنِ الأخرى تَرى ما أصنَعُ، فقال: ويَحَكِ أَوَهَبِلْتِ! أوجَنَّةٌ واحِدةٌ هيَ؟! إنَّها جِنانٌ كثيرةٌ، وإنَّهُ لَفي جَنَّةِ الفِرْدَوسِ )) [2000] رواه البخاري (6550). .
ومِنهم أُمُّ سُلَيم بِنتُ مِلحانَ أمُّ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهما.
فعن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أُريتُ الجَنَّةَ، فرَأيتُ امرَأةَ أبي طَلحةَ)) [2001] رواه مطولًا البخاري (3679)، ومسلم (2457) واللَّفظُ له. .

انظر أيضا: