الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الثَّالِثُ: أهلُ النَّارِ الَّذينَ نَصَّ القُرآنُ أوِ السُّنَّةُ على تَعيينِهم

فمِن هَؤُلاءِ: فِرْعَوْنَ.
قال اللهُ تعالى عنه: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ [هود: 98] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقُولُ تعالى ذِكرُه: يَقْدُمُ فِرْعَونُ قَومَه يَومَ القيامةِ يَقُودُهم، فيَمضي بهم إلى النَّارِ حَتَّى يُورِدَهمُوها، ويُصْلِيَهم سَعيرَها) .
ومِنهم: امرَأةُ نُوحٍ وامرَأةُ لُوطٍ.
قال اللهُ سُبحانَه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم: 10] .
قال البيضاويُّ: (مَثَّلَ اللهُ تعالى حالَهم في أنَّهم يُعاقَبُونَ بكُفْرِهم ولا يُحابَونَ بما بينَهم وبينَ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمُؤمِنينَ مِنَ النِّسبةِ... وَقِيلَ أي: لَهما عِندَ مَوتِهما أو يَومَ القيامةِ: ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ مَعَ سائِرِ الدَّاخِلينَ مِنَ الكَفَرةِ الَّذينَ لا وُصلةَ بينَهم وبينَ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ) .
ومنهم: أبو لَهبٍ وامْرَأتُه.
قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ [سورة المسد].
قال السَّعْديُّ: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ أي: سَتُحيطُ به النَّارُ مِن كُلِّ جانِبٍ، هو وَامْرَأْتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. وكانَت أيضًا شَديدةَ الأَذِيَّةِ لِرَسُولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال ابنُ عُثيمين: (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ السِّينَ في قَولِه: سَيَصْلَى لِلتَّنفيسِ المُفيدِ لِلحَقيقةِ والقُربِ. يَعني أنَّ الله تعالى تَوعَّدَه بأنَّه سيَصلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ عَن قَريبٍ؛ لِأنَّ مَتاعَ الدُّنيا والبَقاءَ في الدُّنيا مهما طالَ فإنَّ الآخِرةَ قَريبةٌ، حَتَّى النَّاسُ في البَرزَخِ وإن مَرَّت عليهمُ السِّنُونَ الطِّوالُ فكَأنَّها ساعةٌ كَأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَم يَلبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف: 35]. وشيءٌ مُقَدَّرٌ بساعةٍ مِن نَهارٍ فإنَّه قَريبٌ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ يَعني كَذَلِكَ امرَأتُه مَعَه، وهي امرَأةٌ مِن أشرافِ قُرَيشٍ، لَكِن لَم يُغْنِ عَنها شَرفُها شيئًا؛ لِكَونِها شارَكَت زَوجَها في العَدَاءِ والإثمِ، والبَقاءِ على الكُفْرِ) .
ومِنهم: عَمرُو بنُ عامِرٍ الخُزاعيِّ.
عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رَأيتُ عَمْرَو بنَ عامِرٍ الخُزاعيَّ يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ، وكانَ أوَّلَ مَن سَيَّب السُّيُوبَ )) .
قال التُّوربشتيُّ: ( ((يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ)) القُصْبُ بالضَّمِّ: المِعَى. قال تعالى: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ.
ولَعَلَّه كُوشِفَ مِن سائِرِ ما كانَ يُعاقَبُ به في النَّارِ يَجرُّ قُصْبَه في النَّارِ؛ لِأنَّه استَخرَجَ مِن باطِنِه بدعةً جَرَّ بها الجَريرةَ إلى قَومِه، واللهُ أعلَمُ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/ 562).
  2. (2) يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (5/ 226).
  3. (3)  يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 937).
  4. (4) يُنظر: ((تفسير جزء عم)) (ص: 347).
  5. (5) أخرجه البخاري (3521)، ومسلم (2856) واللَّفظُ له
  6. (6) يُنظر: ((الميسر في شرح مصابيح السنة)) (3/ 1120).