الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الأوَّلُ: مِمَّا يُسألُ عنه العِبادُ: الكُفرُ والشِّرْكُ

يُسأَلُ المُشرِكونَ عن الشُّركاءِ والأندادِ الذينَ كانوا يَعبُدونَهم من دونِ الله سُبحانَه.
قال اللهُ تعالى: وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ [الشعراء: 93] .
قال النَّسَفيُّ: (يُوبَّخون على إشراكِهم، فيُقالُ لهم: أينَ آلِهَتُكم؟ هَل يَنفَعونَكم بنُصرَتِهم لَكم؟ أو هَل يَنفَعونَ أنفُسَهم بانتِصارِهم؟ لأنَّهم وآلِهَتَهم وَقُودُ النَّار) [3710] يُنظر: ((تفسير النسفي)) (2/ 570). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قيلَ لأهلِها تَقريعًا وتَوبيخًا: أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ [الشعراء: 92] أي: ليستِ الآلِهةُ التي عَبَدتُموها من دونِ الله من تلك الأصنامِ والأندادِ تُغني عنكمُ اليَومَ شَيئًا، ولا تَدفَعُ عن أنفُسِها؛ فإنَّكم وإيَّاها اليَومَ حَصَبُ جَهَنَّمَ، أنتم لها وارِدونَ) [3711] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/ 150). .
ويُسأَلونَ عن تَقديمِ القَرابينِ للآلِهةِ التي كانوا يَعبُدونَها.
قال اللهُ سُبحانَه: وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ [النحل: 56] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقولُ تعالى ذِكرُه: ويَجعَلُ هؤلاء المُشرِكونَ من عَبَدةِ الأوثانِ لِما لا يَعلَمونَ منه ضَرًّا ولا نَفعًا نَصيبًا يَقولُ: حَظًّا وجَزاءً مِمَّا رَزَقْناهم من الأموالِ، إشراكًا منهم له، الذي يَعلَمونَ أنَّه خَلَقَهم، وهو الذي يَنفَعُهم ويَضُرُّهم دونَ غَيرِه...وقَولُه: تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ يَقولُ تعالى ذِكرُه: واللهِ أيُّها المُشرِكونَ الجاعِلونَ للآلِهةِ والأندادِ نَصيبًا فيما رَزَقناكم شِركًا باللهِ وكُفرًا، ليَسألَنَّكمُ اللهُ يَومَ القيامةِ عَمَّا كُنتُم في الدُّنيا تَفتَرونَ، يَعني: تَختَلِقونَ من الباطِلِ والإفكِ على الله بدَعواكم له شَريكًا، وتَصييرِكم لأوثانِكم فيما رَزقَكم نَصيبًا، ثُمَّ ليُعاقِبَنَّكم عُقوبةً تَكونُ جَزاءً لكُفرانِكم نِعَمَه وافتِرائِكم عليه) [3712] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (14/ 253). .
ويُسأَلونَ عن تَكذيبِهم للرُّسُلِ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ
قال اللهُ عَزَّ وجلَّ: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءلُونَ [القصص: 66] .
قال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ: النِّداءُ الأوَّلُ عن سُؤالِ التَّوحيدِ، وهذا فيه إثباتُ النُّبُواتِ: ماذا كان جَوابُكم للمُرسَلينَ إليكم؟ وكَيفَ كان حالُكم مَعَهم؟ وهذا كما يُسأَلُ العَبدُ في قَبرِه: من رَبُّك؟ ومن نَبيُّكَ؟ وما دينُك؟ فأمَّا المُؤمِنُ فيَشهَدُ أنَّه لا إلَه إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ ورَسولُه. وأمَّا الكافِرُ فيَقولُ: هاه.. هاه. لا أدري؛ ولِهذا لا جَوابٌ له يَومَ القيامةِ غَيرُ السُّكوتِ؛ لأنَّ مَن كان في هذه أعمى فهو في الآخِرةِ أعمى وأضَلُّ سَبيلًا؛ ولِهذا قال تعالى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءلُونَ.
وقال مُجاهِدٌ: فعَمِيَتْ عليهمُ الحُجَجُ، فهم لا يَتَساءَلونَ بالأنسابِ) [3713] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/ 250). .

انظر أيضا: