الموسوعة العقدية

الْمَطْلَبُ الأوَّلُ: أدِلَّةُ ثُبوتِها

عَن حُذَيفةَ بنِ أُسَيدٍ رَضِيَ الله عَنه قال: ((اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقالَ: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ من مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ )) [2945] أخرجه مسلم (2901). .
قال النَّوَويُّ: ( ((وآخِرُ ذلك نارٌ تَخرُجُ مِنَ اليَمنِ تَطرُدُ النَّاسَ إلى مَحشَرِهم)) وفي رِوايةٍ: نارٌ تَخرُجُ من قُعْرةِ عَدَنٍ [2946] أخرجه مسلم (2901) مُطَولًا. هَكَذا هو في الأصوَلِ: قُعْرَةٌ بالهاءِ، والقافِ مَضمومةً، ومَعناه: من أقصى قَعرِ أرضٍ عَدَنٍ، وعَدَنٌ مَدينةٌ مَعروفةٌ مَشهورةٌ باليَمَنِ... وهَذِه النَّارُ الخارِجةُ من قَعرِ عَدَنٍ واليَمَنِ هيَ الحاشِرةُ للنَّاسِ، كما صُرِّحَ به في الحَديثِ) [2947] يُنظر: ((شرح مسلم)) (18/ 28). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه قال: سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((يَتَرَكونَ الْمَدينةَ على خَيرِ ما كانت لا يَغشَاها إلَّا العَوافي -يُريدُ عَوافِيَ السِّباعِ والطَّيرِ- ثُمَّ يَخرُجُ راعيانِ من مُزَينةَ يُريدانِ الْمَدينةَ يَنعِقانِ بغَنَمِهما فيَجِدانِها وَحْشًا حَتَّى إذا بَلَغا ثَنيَّةَ الوَداعِ خَرَّا على وُجوهِهما )) [2948] أخرجه البخاري (1874)، ومسلم (1389). .
قال النَّوَويُّ: (أمَّا العَوافي فقَد فسَّرَها في الحَديثِ بالسِّباعِ والطَّيرِ، وهو صَحيحٌ في اللُّغةِ مَأخوذٌ مِن عَفَوْتُه: إذا أتَيتَه تَطلُبُ مَعروفَه، وأمَّا مَعنى الحَديثِ فالظَّاهِرُ الْمُختارُ أنَّ هذا التَّركَ للمَدينةِ يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ عِندَ قيامِ السَّاعةِ، وتوَضِّحُه قِصَّةُ الرَّاعيينِ من مُزَينةَ فإنَّهما يَخِرَّانِ على وُجوهِهما حينَ تُدرِكُهما السَّاعةُ، وهما آخِرُ مَن يُحشَرُ، كما ثَبَت في صَحيحِ البُخاريِّ [2949] أخرجه البخاري (1874). ، فهذا هو الظَّاهِرُ الْمُختارُ... ومَعنى يَنعِقانِ بغَنَمِهما: يَصيحانِ. قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فيَجِدانِها وَحْشًا)) وفي رِوايةِ البُخاريِّ: وُحُوشًا، قيلَ: مَعناه: يَجِدانِها خَلاءً أي: خاليةً لَيسَ بها أحَدٌ، قالَ إبراهيمُ الحَربيُّ: الوَحشُ مِنَ الأرضِ هو الخَلاءُ، والصَّحيحُ أنَّ مَعناه يَجِدانِها ذاتَ وُحوشٍ، كما في رِوايةِ البُخاريِّ، وكَما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَغَشَّاها إلَّا العَوافي))، ويَكونُ وحشًا بمَعنى وُحوشًا، وأصلُ الوَحشِ كُلُّ شَيءٍ توَحَّشَ مِنَ الحَيَوانِ، وجَمعُه وُحوشٌ، وقَد يُعَبَّرُ بواحِدِه عَن جَمعِه كما في غَيرِه) [2950] يُنظر: ((شرح مسلم)) (9/ 159-161). .
قال حمُّود التويجريُّ: (الحَقُّ أنَّ النَّارَ الَّتي أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخُروجِها في آخِرِ الزَّمانِ في عِدَّةِ أحاديثَ صَحيحةٍ؛ أنَّها نارٌ على الحَقيقةِ، وهيَ من أشراطِ السَّاعةِ، ومَن أنكَرَ خُروجَها أو شَكَّ في ذلك؛ فهو مِمَّن لَم يُحَقِّقِ الشَّهادةَ بأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ الله) [2951] يُنظر: ((إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) (3/ 142). .
وقال ابنُ بازٍ: (بَعدَ طُلوعِ الشَّمسِ من مَغرِبِها، يَبقى الْمُسْلِمُ على إسلامِه، والكافِرُ على كُفرِه، وآخِرُ الآياتِ نارٌ تَحشُرُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهم، تَخرُجُ مِنَ الْمَشرِقِ، وفي بَعضِ الأحاديثِ من قَعرِ عَدَنٍ مِنَ الجَنوبِ، ثُمَّ تَسوقُهم إلى مَحشَرِهم، هيَ آخِرُ الآياتِ) [2952] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (4/ 275). .

انظر أيضا: