الموسوعة العقدية

الْمَبحَثُ السَّادِسُ والعِشرونَ: إلقاءُ الشُّحِّ

عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال ((يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويَنقُصُ العَمَلُ، ويُلقى الشُّحُّ، وتَظهَرُ الفِتَنُ، ويَكثُرُ الهَرْجُ )). قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيُّمَ هو؟ قال: ((القَتْلُ القَتْلُ)) [2139] أخرجه البخاري (7061) واللَّفظُ له، ومسلم (157). .
قال ابنُ بطَّالٍ: (هذا كُلُّه إخبارٌ مِنَ النَّبيِّ بأشراطِ السَّاعةِ، وقَد رَأينا هَذِه الأشراطَ عِيانًا وأدرَكناها؛ فقَد نَقَصَ العِلمُ، وظَهَرَ الجَهْلُ، وأُلقيَ بالشُّحِّ في القُلوبِ، وعَمَّتِ الفِتَنُ، وكَثُرَ القَتْلُ) [2140] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (10/ 13). .
وقال القُرطُبيُّ: ( ((يُلقَّى الشُّحَّ)) بمَعنى: يُتَلَقَّى ويُتَعَلَّمُ ويُتَواصى عليه ويُدعى إليه، ومِنه قَولُه تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ [البقرة: 37] أي: تَقبَّلَها وتَعَلَّمَها، ويَجوزُ يُلْقَى بتَخفيفِ اللَّامِ والقافِ على مَعنى يُترَكُ، لإفاضةِ الْمالِ وكَثرَتِه، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمالِ مَن يَقبَلُ صَدَقَتَه فلا يَجِدُ مَن يَقبَلُها، على ما يَأتي، ولا يَجوزُ أن يَكونَ يُلقى بمَعنى يوجَدُ؛ لأنَّ الشُّحَّ ما زالَ مَوجودًا قَبلَ تَقارُبِ الزَّمانِ) [2141] يُنظر: ((التذكرة)) (2/ 262). .
وقال الْمظهريُّ: ( ((ويُلقى الشُّحُّ)) أي: يُلقى البُخلُ في القُلوبِ حَتَّى يُحِبُّوا الْمالَ، ولا يُؤَدُّوا الزَّكاةَ والكَفَّاراتِ والنُّذورَ) [2142] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 355). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (أمَّا قَولُه: ((ويُلقى الشُّحُّ)) فالمُرادُ إلقاؤُه في قُلوبِ النَّاسِ على اختِلافِ أحوالِهم حَتَّى يَبخَلَ العالِمُ بعِلمِه فيَترُكَ التَّعليمَ والفَتوى، ويَبخَلَ الصَّانِعُ بصِناعَتِه حَتَّى يَترُكَ تَعليمَ غَيرِه، ويَبخَلَ الغَنيُّ بمالِه حَتَّى يَهلِكَ الفَقيرُ، ولَيسَ الْمُرادُ وُجودَ أصلِ الشُّحِّ؛ لأنَّه لَم يَزَلْ مَوجودًا) [2143] يُنظر: ((فتح الباري)) (13/ 17). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن فتنةِ الجَهْلِ والطَّمعِ والفوضى، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويُقبَضُ العِلمُ، وتَظهَرُ الفِتَنُ، ويُلقى الشُّحُّ، ويَكثُرُ الهَرجُ)). قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وما الهَرْجُ؟ قال: ((القَتْلُ)) مُتَّفَقٌ عليه. لَقَد قُبِضَ العِلمُ وقَلَّ العُلَماءُ الرَّبانيُّونَ... ولَقَد أُلقِيَ الشُّحُّ والطَّمعُ في قُلوبِ العَبادِ حَتَّى مُنِعَتِ الزَّكاةُ الْمَفروضةُ، والنَّفَقاتُ الواجِبةُ، وطَمِعَ الإنسانُ فيما لَيسَ لَه به حَقٌّ، وكَثُرَتِ الفَوضى والقَتْلُ) [2144] يُنظر: ((الضياء اللامع من الخطب الجوامع)) (8/ 626). .

انظر أيضا: