الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: تلقينُ المَيِّتِ

عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَقِّنوا مَوتاكم: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ )) [1388] أخرجه مسلم (916). .
ففي هذا الحديثِ يُرشِدُنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أنْ نُلَقِّنَ المَيِّتَ ((لا إلهَ إلَّا اللهُ))، بمَعنى: قُولوها لِمَن حَضَرتْه نَزَعاتُ المَوتِ، ورَدِّدوها مَعه حتى يَقولَها، وهذا إرشادٌ مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِأُمَّتِه إلى أهمِّيَّةِ كَلِمةِ التَّوحيدِ في الحَياةِ وعِندَ المَماتِ؛ لِأنَّ هذه الكَلِمةَ هي العاصِمةُ لِلدَّمِ في الدُّنيا لِكُلِّ مَن قالَها، فإذا قالَها القادِمُ على الآخِرةِ فإنَّه يُرجَى أنْ تَكونَ عاصِمةً له من عَذابِ الآخِرةِ، كما كانت عاصِمةً من عَذابِ الدُّنيا [1389] يُنظر: ((زاد العباد)) (ص: 373). .
قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُ: (تَلقينُ الموتَى هَذِه الكَلِمةَ سُنَّةٌ مأثورةٌ عَمِلَ بها المُسلِمونَ؛ وذلك ليَكونَ آخِرَ كَلامِه: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فيُختَمَ لَه بالسَّعادةِ، وليَدخُلَ في عُمومِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن كانَ آخِرَ كَلامِه: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخلَ الجَنَّةَ )) [1390] أخرجه أبو داود (3116) واللَّفظُ له، وأحمد (22127) من حَديثِ معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/369)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/188)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3116)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3116)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (1299)، وحسَّنه النووي في ((المجموع)) (5/110). وليُنَبَّهَ المُحتَضَرُ على ما يَدفعُ به الشَّيطانَ، فإنَّه يَتَعَرَّضُ لِلمُحتَضَرِ ليُفسِدَ عليه عَقيدَتُه، فإذا تَلَقَّنَها المُحتَضَرُ وقالها مَرَّةً واحِدةً، فلا تُعادُ عليه؛ لِئَلَّا يَتَضَجَّرَ، وقَد كَرِهَ أهلُ العِلمِ الإكثارَ عليه مِنَ التَّلقينِ، والإلحاحَ عليه إذا هو تَلقَّنَها، أو فَهِمَ عَنه ذلك. وفي أمرِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بتَلقينِ المَوتَى ما يَدُلُّ على تَعَيُّنِ الحُضورِ عِندَ المُحتَضَرِ؛ لِتَذكيرِه وإغماضِه، والقيامِ عليه، وذلك من حُقوقِ المُسْلِمِ على المُسْلِمينَ، ولا خِلافَ في ذلك) [1391] يُنظر: ((المفهم)) (2/ 569). .

انظر أيضا: