الموسوعة العقدية

المَبحَثُ السَّابعُ: من فضائِلِ القُرْآنِ الكريمِ شفاعتُه لأهْلِه يومَ القيامةِ

وقد جاءت هذه الشَّفاعةُ للقُرْآنِ الكريمِ كُلِّه ولسُوَرٍ منه بعَيْنِها.
عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((اقرَؤوا القُرْآنَ؛ فإنَّه يأتي يوم القيامةِ شفيعًا لأصحابِه، اقرَؤوا الزَّهراوينِ البَقَرةَ وسُورةَ آلِ عِمرانَ؛ فإنهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ [265] الغَمامة: السَّحابة. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/389). أو كأنَّهما غيايتانِ [266] الغَياية: كلُّ شيءٍ أظلَّ الإنسانَ فوق رأسه كالسَّحابة وغيرها. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/403). أو فِرْقانِ [267] فِرقان: أي: قِطعتان، مثنَّى الفِرْقِ، وهو القِطعةُ من الشَّيءِ. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/150)، ((النهاية)) لابن الأثير (3/440). من طيرٍ صَوَافَّ [268] صَوافَّ: أي: مُصطفَّةٍ متضامَّةٍ؛ لتظلِّل قارئَها. يُنظر: ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (4/150). تُحاجَّانِ عن أصحابِهما )) [269] رواه مسلم (804) مطولاً. .
قال الطِّيبي: (قَولُه: ((اقرَؤوا سورةَ البَقَرةِ)) تخصيصٌ بعد تخصيصٍ، عَمَّ أولًا بقَولِه: ((اقرَؤوا القُرْآنَ))، وعَلَّق به الشَّفاعةَ، وخَصَّ منه ثانيًا الزَّهراوينِ، ونِيطَ بهما معنى التخليصِ من كَربِ حَرِّ القيامةِ، والمحاجَّةِ عن أصحابِهما. وأفرد ثالثًا ((البَقَرةَ)) وضَمَّ إليها المعانيَ الثلاثةَ دلالةً على أنَّ لكُلٍّ منها خاصيَّةً لا يَقِفُ عليها إلَّا صاحِبُ الشَّرعِ) [270] يُنظر: ((شرح المشكاة)) (5/ 1642). .
قال علي القاري: (يقولُ: «اقرَؤوا القُرْآنَ» أي: اغتَنِموا قراءتَه وداوِموا على تلاوتِه «فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شَفيعًا»، أي: مُشَفَّعًا «لأصحابِه»، أي: القائمين بآدابِه «اقرَؤوا»، أي: على الخصوصِ «الزَّهْراوَينِ» تثنيةُ الزَّهراءِ تأنيثُ الأزهرِ، وهو المضيءُ الشَّديدُ الضَّوءِ، أي: المُنيرتَينِ؛ لنُورِهما وهدايتِهما وعِظَمِ أجْرِهما، فكأنَّهما بالنِّسبةِ إلى ما عداهما عند اللهِ مكانَ القَمَرينِ من سائِرِ الكواكِبِ) [271] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (4/1460). .
وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ... تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما (( [272] رواه مسلم (805). .
قال علي القاري: («الذين كانوا يعملون به» دلَّ على أنَّ من قرأ ولم يعمَلْ به لم يكُنْ من أهلِ القُرْآنِ، ولا يكونُ شفيعًا لهم، بل يكونُ القُرْآنُ حُجَّةً عليهم «تَقدُمُه»، أي: تتقَدَّمُ أهْلَه أو القُرْآنَ «سورةُ البَقَرةِ وآلِ عِمرانَ») [273] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (4/1461). .

انظر أيضا: