الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّامِنُ: من فضائِلِ القُرْآنِ الكريمِ: الوَعدُ بالثَّوابِ على قِراءتِه ومُدارَسَتِه

عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بُيوتِ اللهِ يَتْلون كِتابَ اللهِ ويتدارسونَه بينهم، إلَّا نزلت عليهم السَّكينةُ، وغَشِيَتهم الرَّحمةُ، وحَفَّتْهم المَلائِكةُ، وذكرهم اللهُ فيمَن عِندَه )) [274] رواه مسلم (2699) مُطَوَّلًا. .
في هذا الحديثِ أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لا يَجتَمِعُ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللهِ، وهي المَساجِدُ، يَتْلونَ كِتابَ اللهِ -بأنْ يَقرَأَه بَعضُهم على بَعضٍ، ويَتَدبَّروا مَعانيَه، ويَتَدارَسوا أحكامَه، ويَتَعهَّدوه خَوفَ النِّسيانِ- إلَّا مَنَحَهم اللهُ عزَّ وجلَّ الأجْرَ الجَزيلَ فَضلًا منه سُبحانَه وكَرَمًا، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربَعَ مِنَحٍ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ يُعطيها سُبحانَه لِمَن جَلَسَ تلك المَجالِسَ، وأوَّلُها: نُزولُ السَّكينةِ، وهي: شَيءٌ يَقذِفُه اللهُ عزَّ وجلَّ في القَلْبِ، فتُورِثُه الصَّفاءَ والنَّقاءَ، وتُذهِبُ عنه الظُّلْمةَ والسَّوادَ والضِّيقَ، ومِن ثَمَّ يَكونُ مُطمَئنًّا غَيرَ قَلِقٍ ولا شاكٍّ، راضيًا بقَضاءِ اللهِ وقَدَرِه. وهذه السَّكينةُ نِعمةٌ عَظيمةٌ مِن اللهِ تعالى.
والمِنحةُ الثَّانيةُ: غِشْيانُ الرَّحمةِ، و«غَشِيَتْهم الرَّحمةُ» يَعْني: غَطَّتْهم؛ فإنَّ المُجتَمِعِين على مِثلِ هذه المَجالِسِ تَغشاهم الرَّحمةُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ وتُحيطُ بهم، وتَكونُ لهم بمَنزِلةِ الغِطاءِ الشَّامِلِ.
والمِنحةُ الثَّالثةُ: أنْ تَحُفَّهم المَلائكةُ؛ بأنْ يَطوفوا بهم، ويَدوروا مِن حَولِهم؛ تَعظيمًا لشَأْنِهم، واستِماعًا لذِكرِهم اللهَ عزَّ وجلَّ، وليَكونوا شُهداءَ عليْهم بيْنَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
والمِنحةُ الرَّابِعةُ: أنْ يَذكُرَهم اللهُ فيمَن عِندَه، فيُباهيَ اللهُ بهم مَن عِندَه مِن المَلائكةِ المُقرَّبين، وأعظِمْ بهذا مِن فَضلٍ جَزيلٍ وثَوابٍ عَظيمٍ! [275] يُنظر: ((زاد العباد)) (ص: 624). .
قال ابنُ عُثَيمين: (هذا القُرْآنُ له فضائلُ عظيمةٌ؛ فضائِلُ عامَّةٌ، وفضائِلُ في آياتٍ وسُوَرٍ خاصَّةٍ؛ مثلًا الفاتحةُ هي السَّبعُ المثاني وهي أمُّ الكِتابِ، آيةُ الكرسيِّ هي أعظَمُ آيةٍ في كِتابِ الله، وهَلُمَّ جَرًّا، هناك آياتٌ أو سُوَرٌ لها فضلٌ خاصٌّ، أمَّا القُرْآنُ عمومًا فله أيضًا فضائِلُ عامَّةٌ، وهذا يوجِبُ علينا أن نحرِصَ غايةَ الحِرصِ على تلاوةِ كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ليلًا ونهارًا) [276] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) (4/ 633).

انظر أيضا: