الموسوعة العقدية

المَطلَبُ التاسِعُ: أعدادُ المَلائِكةِ

المَلائِكة خَلقٌ كثيرٌ لا يعلَمُ عَدَدَهم إلَّا اللهُ تعالى.
قال الله عَزَّ وجَلَّ: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر: 31] .
قال ابنُ جريرٍ: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ مِن كَثرتِهم إِلَّا هُوَ يعني اللهَ) .
وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: ما يعلَمُ عَدَدَهم وكَثْرَتَهم إلَّا هو تعالى؛ لئلَّا يتوهَّمَ متوَهِّمٌ أنَّهم تِسعةَ عَشَرَ فقط، كما قد قاله طائفةٌ من أهلِ الضَّلالةِ والجَهالةِ ومِن الفلاسِفةِ اليونانيِّين. ومن تابعهم من المِلَّتين الذين سمعوا هذه الآيةَ، فأرادوا تنزيلَها على العُقولِ العَشَرة والنُّفوسِ التِّسعةِ التي اخترعوا دعواها وعَجَزوا عن إقامةِ الدَّلالةِ على مُقتضاها) .
وقد سأل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جبريلَ عليه السَّلامُ عن البيتِ المعمورِ، فقال: ((هذا البيتُ المعمورُ يُصَلِّي فيه كلَّ يومٍ سَبعونَ ألفَ مَلَكٍ إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخِرَ ما عليهم )) .
قال النوويُّ: (وفي هذا أعظَمُ دليلٍ على كثرةِ المَلائِكةِ صَلَواتُ اللهِ وسلامُه عليهم. واللهُ أعلمُ) .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (استُدِلَّ به على أنَّ المَلائِكةَ أكثَرُ المخلوقاتِ؛ لأنَّه لا يُعرَفُ مِن جميعِ العوالمِ من يتجَدَّدُ من جنسِه في كُلِّ يومٍ سبعون ألفًا غيرُ ما ثبت عن المَلائِكةِ في هذا الخَبرِ) .
وممَّا يدُلُّ على كثرتِهم ما رواه عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((يؤتى بجهَنَّمَ يومَئذٍ لها سبعون ألفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زمامٍ سبعون ألفَ مَلَكٍ يجرُّونَها )) .
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (ومَلائِكةُ اللهِ لا يُحصي عَدَدَهم إلَّا اللهُ) .
والنُّصوصُ الواردةُ في المَلائِكةِ التي تقومُ على شُؤونِ الإنسانِ تدُلُّ على كثرتِهم؛ فهناك مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بالنُّطفةِ، ومَلَكانِ لكتابةِ أعمالِ كُلِّ إنسانٍ، ومَلائِكةٌ لحِفْظِه، وقرينٌ مَلَكيٌّ لهدايتِه وإرشادِه، وغَيرُهم وغَيرُهم .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/ 440).
  2. (2) يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (8/ 270).
  3. (3) رواه مطولًا البخاري (3207) واللفظُ له، ومسلم (162) من حديثِ مالكِ بنِ صَعصعةَ رَضِيَ اللهُ عنه.
  4. (4) يُنظر: ((شرح مسلم)) (2/ 225).
  5. (5) يُنظر: ((فتح الباري)) (7/ 215).
  6. (6) وهذا العدَدُ قريبًا من خمسةِ ملياراتِ مَلَكٍ يجُرُّونَ جَهَنَّمَ فقط. والعياذُ باللهِ.
  7. (7) رواه مسلم (2842).
  8. (8) يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (4/ 119).
  9. (9) يُنظر: ((عالم الملائكة الأبرار)) لعمر الأشقر (ص: 16).