موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ النِّفاقِ وغيرِه من الصِّفاتِ


أ- الفَرْقُ بَيْنَ النِّفاقِ والرِّياءِ:
أنَّ النِّفاقَ إظهارُ خِلافِ ما يُبطِنُ، والرِّياءُ إظهارُ جميلِ الفِعلِ رَغبةً في حمدِ النَّاسِ لا في ثوابِ اللهِ تعالى . فالأصلُ في الرِّياءِ الإظهارُ، والأصلُ في النِّفاقُ: الإخفاءُ .
كذلك فالنِّفاقُ أعمُّ من الرِّياءِ وقد ذَكَر اللهُ تعالى أنَّ من صفاتِ المُنافِقين الرِّياءَ؛ قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 142] .
ب- الفَرْقُ بَيْنَ النِّفاقِ والخيانةِ:
قال الرَّاغِبُ: (الخيانةُ والنِّفاقُ واحِدٌ، إلَّا أنَّ الخيانةَ تقالُ اعتبارًا بالعَهدِ والأمانةِ، والنِّفاقُ يُقالُ اعتبارًا بالدِّينِ، ثمَّ يتداخلان، فالخيانةُ: مخالفةُ الحَقِّ بنَقضِ العَهدِ في السِّرِّ) .
ج- الفَرْقُ بَيْنَ النِّفاقِ والتَّقيَّةِ:
أمَّا التَّقيَّةُ عِندَ الرَّافضةِ، وهي أن يقولَ أحَدُهم بلسانِه خِلافَ ما في قلبِه، فهذه التَّقيَّةُ لا فَرقَ بينَها وبينَ النِّفاقِ؛ قال ابنُ تَيميَّةَ: (الرَّافِضةُ ... يجعَلون التَّقيَّةَ من أصولِ دينِهم... و«التَّقيَّةُ» هي شعارُ النِّفاقِ؛ فإنَّ حقيقتَها عندهم أن يقولوا بألسِنَتِهم ما ليس في قلوبِهم، وهذا حقيقةُ النِّفاقِ) .
وقال أيضًا: (أمَّا الرَّافِضةُ فأصلُ بدعتِهم عن زنَدقةٍ وإلحادٍ، وتعَمُّدُ الكَذِبِ كثيرٌ فيهم، وهم يُقرُّون بذلك حيث يقولون: دينُنا التَّقيَّةُ، وهو أن يقولَ أحَدُهم بلسانِه خِلافَ ما في قلبِه، وهذا هو الكَذِبُ والنِّفاقُ) .
أمَّا التَّقيَّةُ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ، وهي أن يقولَ العبدُ خِلافَ ما يعتَقِدُه؛ لاتقاءِ مكروهٍ يَقَعُ به لو لم يتكَلَّمْ بالتَّقيَّةِ ، فالأصلُ فيها قولُ الله تعالى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً [آل عمران: 28] ، وهي جائزةٌ عِندَ الضَّرورةِ . وغالبًا تكونُ مع الكُفَّارِ، قال ابنُ جريرٍ: (التَّقيَّةُ التي ذكَرها اللهُ في هذه الآيةِ إنما هي تقيَّةٌ من الكُفَّارِ لا من غيرِهم) . وبذلك يتَّضِحُ الفَرْقُ بَيْنَ التَّقيَّةِ وبينَ النِّفاقِ.

انظر أيضا:

  1. (1) ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 228، 229).
  2. (2) يُنظَر: ((نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم)) (10/ 4552).
  3. (3) ((المفردات)) (1/334).
  4. (4) ((مجموع الفتاوى)) (13 /263).
  5. (5) ((منهاج السنة النبوية)) (1 /30).
  6. (6) ((أحكام أهل الذمة)) (2 /1038).
  7. (7) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (13/ 187).
  8. (8) ((جامع البيان)) (5/ 319).