سابعًا: الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ اللُّؤمِ والِخسَّةِ والدَّناءةِ
1- الانشِغالُ بالنَّفسِ وعُيوبِها، والحَذَرُ مِن أمراضِ القُلوبِ، والعَمَلُ على عِلاجِها.
2- مُجاهَدةُ النَّفسِ على التَّحَلِّي بمَكارِمِ الأخلاقِ والتِزامِ الأدَبِ.قال
أبو نُواسٍ: (الشَّرَهُ في الطَّعامِ دَناءةٌ، وفي الأدَبِ مُروءةٌ، وكُلُّ مَن حَرَصَ على شَيءٍ فاستَكثَرَ مِنه سَكن حِرصُه وقَرَّت عَينُه غَيرَ الأدَبِ؛ فإنَّه كُلَّما ازدادَ مِنه صاحِبُه ازدادَ حِرصًا عليه وشَهوةً له ودُخولًا فيهـ)
.
وقال
أبو حَيَّانَ التَّوحيديُّ: (ومِن تَوابعِ الأخلاقِ المَذمومةِ الغَضَبُ والكَذِبُ والجَهلُ والجَورُ والدَّناءةُ، وأمَّا الجَهلُ والجَورُ والدَّناءةُ فإنَّها أثافيُّ الرَّذائِلِ، فينبَغي أن ينتفيَ مِنها جُملةً وتَفصيلًا، ولا يسلُكَ أحَدٌ إلى شَيءٍ مِنها سَبيلًا)
.
وقال بَعضُ الصَّالحينَ: (اجتَنِبوا دَناءةَ الأخلاقِ كما تَجتَنِبونَ الحَرامَ)
.
3- الرُّفقةُ الصَّالحةُ والإكثارُ مِن مُخالَطةِ الصَّالحينَ ومُجانَبةُ أهلِ الخِسَّةِ والدَّناءةِ.خَطَبَ
الحَسَنُ بنُ عَليٍّ بالكوفةِ فقال: (اعلَموا يا أهلَ الكوفةِ أنَّ الحِلمَ زينةٌ، والوفاءَ مُروءةٌ، والعَجَلةَ سَفَهٌ، والسَّفَهَ ضَعفٌ، ومُجالَسةَ أهلِ الدَّناءةِ شَينٌ، ومُخالَطةَ أهلِ الفُسوقِ ريبةٌ)
.
ويُقال: (احذَرِ الدُّنوَّ مِن ذَوي الدَّناءةِ؛ لئَلَّا تُعديَك طِباعُهمُ اللَّئيمةُ، وأخلاقُهمُ الذَّميمةُ، ولا تَصحَبِ الشِّرِّيرَ؛ فإنَّ طَبعَك يَسرِقُ مِن طَبعِه شَرًّا وأنتَ لا تَدري)
.
4- أن يحرِصَ على التَّحَلِّي بالشَّرَفِ ومُجانَبةِ السَّفَهِ.أحضَرَ
الرَّشيدُ رَجُلًا ليولِّيَه القَضاءَ فقال له: إنِّي لا أُحسِنُ القَضاءَ ولا أنا فقيهٌ! قال
الرَّشيدُ: فيك ثَلاثُ خِلالٍ: لك شَرَفٌ، والشَّرَفُ يمنَعُ صاحِبَه مِنَ الدَّناءةِ، ولك حِلمٌ يمنَعُك مِنَ العَجَلةِ، ومَن لم يَعجَلْ قَلَّ خَطَؤُه، وأنتَ رَجُلٌ تُشاوِرُ في أمرِك، ومَن شاورَ كثُرَ صَوابُه، وأمَّا الفِقهُ فسينضَمُّ إليك مَن تَتَفقَّهُ به، فوُلِّي فما وجَدوا فيه مَطعَنًا
.
وسُئِلَ أحَدُ الصَّالحينَ: ما الشَّرَفُ؟ قال: موافقةُ الإخوانِ، وحِفظُ الجيرانِ، وسُئِلَ: فما السَّفَهُ؟ قال: اتِّباعُ الدَّناءةِ، ومُصاحَبةُ الغُواةِ
.
5- الاتِّصافُ بالمُروءةِ.ومِنَ المُروءةِ عَدَمُ صَرفِ الهمَّةِ إلى الظَّاهرِ مِن مَلبَسٍ وغَيرِه، قال
الماوَرْديُّ: (المُروءةُ أن يكونَ الإنسانُ مُعتَدِلَ الحالِ في مُراعاةِ لِباسِه مِن غَيرِ إكثارٍ ولا اطِّراحٍ؛ فإنَّ اطِّراحَ مُراعاتِها وتَركَ تَفقُّدِها مَهانةٌ وذُلٌّ، وكثرةَ مُراعاتِها وصَرفَ الهمَّةِ إلى العِنايةِ لها دَناءةٌ ونَقصٌ، ورُبَّما تَوهَّمَ بَعضُ مَن خَلا مِن فضلٍ، وعَرِيَ عن تَمييزٍ أنَّ ذلك هو المُروءةُ الكامِلةُ، والسِّيرةُ الفاضِلةُ؛ لِما يرى مِن تَمَيُّزِه بذلك عنِ الأكثَرينَ، وخُروجِه عن جُملةِ العَوامِّ المُستَرذَلينَ، وخَفيَ عليه أنَّه إذا تَعَدَّى طَورَه وتَجاوزَ قَدرَه، كان أقبَحَ لذِكرِه، وأبعَثَ على ذَمِّهـ)
.
6- الحِرصُ على الهمَّةِ العاليةِ.وأخَسُّ النَّاسِ حَياةً أخَسُّهم همَّةً، وأضعَفُهم محبَّةً وطَلَبًا، وحَياةُ البَهائِمِ خَيرٌ مِن حَياتِه
.
ورُويَ عن أحَدِ الصَّالحينَ أنَّه قال: (مَن أصلَحَ اللهُ همَّتَه لا يُتعِبُه بَعدَ ذلك رُكوبُ الأهوالِ ولا مُباشَرةُ الصِّعابِ، وعَلا بعُلوِّ همَّتِه إلى أسنى المَراتِبِ، وتَنَزَّهَ عنِ الدَّناءةِ أجمَعَ)
.
7- الزُّهدُ فيما في أيدي النَّاسِ.8- مَعرِفةُ الآثارِ السَّيِّئةِ للُّؤمِ والِخسَّةِ والدَّناءةِ.