موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكريمِ


- قال تعالى: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور: 3] .
قال القاسِميُّ: (اللهُ سُبحانَه قد جَعَل بَيْنَ الزَّوجينِ مودَّةً ورَحمةً؛ فأحَدُهما يحِبُّ لنَفسِه ما يحِبُّ للآخَرِ، فإذا رَضِيَت المرأةُ أن تَنكِحَ زانيًا فقد رَضِيَت عَمَلَه، وكذلك الرَّجُلُ، ومَن رَضِيَ بالزِّنا فهو بمنزلةِ الزَّاني... وأعظَمُ الخَلَّةِ خَلَّةُ الزَّوجينِ، وأيضًا فإنَّ اللَّهَ تعالى جعَل في نفوسِ بني آدَمَ من الغَيرةِ ما هو معروفٌ، فيستعظِمُ الرَّجُلُ أن يطَأَ الرَّجُلُ امرأتَه أعظَمَ مِن غَيرتِه على نفسِه أن يَزنيَ، فإذا لم يَكرَهْ أن تكونَ زوجتُه بَغِيًّا وهو دَيُّوثًا كيف يَكرَهُ أن يكونَ هو زانيًا؟! ولهذا لم يوجَدْ مَن هو دَيُّوثٌ أو قوَّادٌ يَعِفُّ عن الزِّنا؛ فإنَّ الزِّنا له شَهوةٌ في نفسِه، والدَّيُّوثُ له شهوةٌ في زِنا غيرِه، فإذا لم يكُنْ معه إيمانٌ يَكرَهُ من زوجتِه ذلك، كيف يكونُ معه إيمانٌ يمنَعُه من الزِّنا؟! فمَن استحَلَّ أن يَترُكَ امرأتَه تزني استحَلَّ أعظَمَ الزِّنا، ومن أعان على ذلك فهو كالزَّاني، ومن أقَرَّ عليه مع إمكانِ تغييرِه فقد رَضِيَه، ومَن تزَوَّجَ غيرَ تائبةٍ فقد رَضِيَ أن تزنيَ؛ إذ لا يمكِنُه مَنْعُها؛ فإنَّ كَيدَهنَّ عظيمٌ) [3335] ((محاسن التأويل)) (7/ 324). .
- وقال تعالى بَعدَ أنْ ذَكَر المحَرَّماتِ من النِّساءِ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النساء: 24 - 25] .
فقولُه: مُحْصَنَاتٍ أي: فانكِحوهنَّ والحالُ أنَّهنَّ عفيفاتٌ عن الزِّنا؛ فهذا شَرطٌ مِن شُروطِ نكاحِهنَّ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ أي: غيرَ الزَّانياتِ علانيةً، اللَّاتي لا يمتَنِعْنَ من أحَدٍ أرادَهنَّ بالفاحِشةِ، وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ، أي: ولا تَنكِحوا أيضًا الزَّوانيَ المُتسَتِّراتِ اللَّاتي يتَّخِذْنَ أخلَّاءَ وأصدقاءَ لاقترافِ الزِّنا معهم خُفيةً [3336] يُنظَر: ((التفسير المحرر- الدرر السنية)) (3/ 143، 144). .
(فإنَّ اللَّهَ سُبحانَه حَرَّم على عبدِه أن يكونَ قَرْنانًا دَيُّوثًا زَوجَ بَغيٍّ؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى فَطَر النَّاسَ على استِقباحِ ذلك واستِهجانِه؛ ولهذا إذا بالَغوا في سَبِّ الرَّجُلِ قالوا: زوجُ قَحْبةٍ! فحَرَّم اللَّهُ على المُسلِمِ أن يكونَ كذلك) [3337] يُنظَر: ((محاسن التأويل)) للقاسمي (7/ 366). .

انظر أيضا: