موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشِرًا: حُكمُ خُلْفِ الوَعْدِ


قال النَّوَويُّ: (أجمع العُلَماءُ على أنَّ مَن وَعَد إنسانًا شيئًا ليس بمنهيٍّ عنه، فينبغي أن يَفِيَ بوَعدِه، وهل ذلك واجِبٌ أو مُستحَبٌّ؟ فيه خلافٌ بَيْنَهم؛ ذَهَب الشَّافعيُّ وأبو حنيفةَ والجمهورُ إلى أنَّه مُستحَبٌّ، فلو تَرَكه فاته الفَضلُ وارتكَب المكروهَ كراهةَ تنزيهٍ شديدةً، ولكِنْ لا يأثَمُ، وذهب جماعةٌ إلى أنَّه واجِبٌ، قال الإمامُ أبو بكرِ بنُ العَرَبيِّ المالِكيُّ: أجَلُّ مَن ذَهَب إلى هذا المذهَبِ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ، قال: وذهَبَت المالكيَّةُ مَذهَبًا ثالثًا: أنَّه إن ارتَبَط الوَعْدُ بسَبَبٍ، كقَولِه: تزوَّجْ ولك كذا، أو احلِفْ أنَّك لا تشتُمني ولك كذا، أو نحوَ ذلك، وَجَب الوفاءُ، وإن كان وعدًا مُطلَقًا لم يجِبْ. واستدَلَّ من لم يوجِبْه بأنَّه في معنى الهبةِ، والهبةُ لا تَلزَمُ إلَّا بالقَبضِ عِندَ الجُمهورِ، وعندَ المالكيَّةِ: تَلزَمُ قَبلَ القَبضِ) [3210] ((الأذكار)) (ص: 317). .
هذا، وإنَّ مَن وَعَد وفي نيَّتِه الإخلافُ فهو آثمٌ قَطعًا، ويصدُقُ عليه أنَّه على شُعبةٍ مِن النِّفاقِ [3211] يُنظَر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/133). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (وأمَّا إخلافُ الوَعْدِ فحَرامٌ. يَجِبُ الوفاءُ بالوَعْدِ سواءٌ وعَدْتَه مالًا أو وعَدْتَه إعانةً تُعينُه في شيءٍ أو أيِّ أمرٍ من الأمورِ، إذا وعَدْتَ فيَجِبُ عليك أن تَفيَ بالوَعْدِ، وفي هذا ينبغي للإنسانِ أن يحَدِّدَ المواعيدَ ويَضبِطَها، فإذا قال لأحَدِ إخوانِه: أواعِدُك في المكانِ الفُلانيِّ فلْيُحَدِّدِ السَّاعةَ الفُلانيَّةَ، حتى إذا تأخَّر الموعودُ وانصرف الواعِدُ يكونُ له عُذرٌ حتَّى لا يَربطَه في المكانِ كثيرًا) [3212] ((شرح رياض الصالحين)) (4/ 47، 48). .

انظر أيضا: