موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونُهم: المجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، والمكاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكِحُ الذي يريدُ العفافَ)) [6782] أخرجه الترمذي (1655) واللفظ له، والنسائي (3218)، وابن ماجه (2518). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (4030)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/5)، وابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (24/236)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (20/24)، وحسَّنه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1655). .
(أي: العِفَّةَ من الزِّنا. قال الطِّيبيُّ: إنَّما آثَر هذه الصِّيغةَ إيذانًا بأنَّ هذه الأمورَ من الأمورِ الشَّاقَّةِ التي تفدَحُ الإنسانَ وتقصِمُ ظهرَه، لولا أنَّ اللهَ تعالى يعينُه عليها لا يقومُ بها، وأصعبُها العفافُ؛ لأنَّه قمعُ الشَّهوةِ الجِبِلِّيَّةِ المركوزةِ فيه، وهي مقتضى البهيميَّةِ النَّازلةِ في أسفَلِ السَّافِلين، فإذا استعفَّ وتداركه عونُ اللهِ تعالى ترقَّى إلى منزلةِ الملائكةِ وأعلى عِلِّيِّين) [6783] ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (5/296). ويُنظَر: ((الكاشف عن حقائق السنن)) للطيبي (7/ 2262). .
- وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: ((إنَّ ناسًا من الأنصارِ سألوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأعطاهم، ثمَّ سألوه فأعطاهم. حتَّى إذا نفِدَ ما عنده قال: ما يكُنْ عندي من خيرٍ فلن أدَّخِرَه عنكم. ومن يستعفِفْ يُعِفَّه اللهُ، ومن يستغْنِ يُغنِه اللهُ. ومن يصبِرْ يُصبِّرْه اللهُ، وما أعطيَ أحدٌ من عطاءٍ خيرٍ وأوسَعَ من الصَّبرِ)) [6784] رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053) واللفظ له. .
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (فيه الحضُّ على التَّعفُّفِ والاستغناءِ باللهِ عن عبادِه، والتَّصبُّرِ، وأنَّ ذلك أفضلُ ما أعطِيَه الإنسانُ، وفي هذا كلِّه نهيٌ عن السُّؤالِ، وأمرٌ بالقناعةِ والصَّبرِ) [6785] ((التمهيد)) لابن عبد البر (10/133). .
- وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سرَّحَتْني [6786] السَّرحُ: الإرسالُ. يقال: سَرَّح إليه رسولًا: أي: أرسَله. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (6/463). أمِّي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتيتُه وقعدتُ فاستقبلني وقال: من استغنى أغناه اللهُ عزَّ وجَلَّ، ومن استعَفَّ أعفَّه اللهُ عزَّ وجلَّ، ومن استكفى كفاه اللهُ عزَّ وجلَّ، ومن سأل وله قيمةُ أُوقيَّةٍ فقد ألحفَ. فقلتُ: ناقتي الياقوتةُ خيرٌ من أوقيَّةٍ، فرجَعْتُ ولم أسأَلْه)) [6787] رواه أبو داود (1628( بنحوه، والنسائي (2595) واللفظ له، وأحمد (11060) باختلاف يسير. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (3390)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2595)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (1628)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (398). .
- وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان يقولُ: ((اللَّهمَّ إني أسألُك الهدى والتُّقى، والعفافَ والغِنى)) [6788] رواه مسلم (2721). .
قال النَّوويُّ: (أمَّا العَفافُ والعِفَّةُ فهو التَّنزُّهُ عمَّا لا يباحُ، والكفُّ عنه، والغنى هنا غنى النَّفسِ، والاستغناءُ عن النَّاسِ وعمَّا في أيديهم) [6789] ((شرح صحيح مسلم)) (17/41). .
- وعن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أخبره، قال: (أخبرني أبو سفيانَ أنَّ هِرَقلَ قال له: سألتُك ماذا يأمرُكم؟ فزعَمْتَ أنَّه أمركم بالصَّلاةِ والصِّدقِ والعفافِ، والوفاءِ بالعهدِ وأداءِ الأمانةِ، قال: وهذه صفةُ نبيٍّ) [6790] أخرجه البخاري (2681). .
قال الكرمانيُّ: ("والعَفافُ" بفتحِ العينِ: الكفُّ عن الحرامِ وخوارِمِ المروءةِ) [6791] ((الكواكب الدراري)) (1/ 57). .

انظر أيضا: