موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا مَسائِلُ مُتفَرِّقةٌ


- أركانُ الحِكمةِ:
الحِكمةُ (لها ثلاثةُ أركانٍ: العِلمُ، والحِلمُ، والأناةُ.
وآفاتُها وأضدادُها: الجَهلُ، والطَّيشُ، والعَجَلةُ، فلا حِكمة لجاهِلٍ ولا طائِشٍ ولا عَجولٍ) .
- مواضِعُ يتأكَّدُ فيها لزومُ الحِكمةِ:
- من المواضِعِ التي تتأكَّدُ فيها مراعاةُ الحِكمةِ: التَّعامُلُ مع الوالِدَينِ والأقارِبِ، والتَّعامُلُ بَيْنَ الزَّوجينِ، فتَركُ استعمالِ الحِكمةِ فيها يترَتَّبُ عليه من عقوقٍ للوالِدَينِ وقَطعٍ للأرحامِ وتهدُّمٍ للبيوتِ وتصَدُّعٍ للأُسَرِ.
- من المواضِعِ التي تتأكَّدُ فيها مراعاةُ الحِكمةِ: إشاعةُ الأخبارِ خاصَّةً في أوقاتِ الأزماتِ أو الحروبِ، فعَدَمُ استعمالِ الحِكمةِ في هذه الأمورِ يؤدِّي إلى مفاسِدَ كبيرةٍ وآثارٍ سَيِّئةٍ.
- من معاني الحِكمةِ:
(قد وردت في القرآنِ على سِتَّةِ أوجُهٍ:
الأوَّلُ: بمعنى النُّبُوَّةِ والرِّسالةِ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ أي: النُّبُوَّةَ.
الثَّاني: بمعنى القرآنِ والتَّفسيرِ والتَّأويلِ وإصابةِ القَولِ فيه يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ.
الثَّالِثُ: بمعنى فَهمِ الدَّقائقِ والفِقهِ في الدِّينِ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا أي: فَهمَ الأحكامِ.
الرَّابعُ: بمعنى الوَعظِ والتَّذكيرِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ أي المواعِظَ الحَسَنةَ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ.
الخامِسُ: آياتُ القرآنِ وأوامِرُه ونواهيه ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ.
السَّادِسُ: بمعنى حُجَّةِ العَقلِ على وَفقِ أحكامِ الشَّريعةِ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أي قولًا يوافِقُ العقلَ والشَّرعَ) .
- لماذا وُصِفَت السُّنَّةُ بالحِكمةِ:
قال تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ، فوصف السُّنَّةَ بالحِكمةِ؛ لأنَّ السُّنَّةَ من كلامِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو بَشَرٌ، وكلامُ البَشَرِ قد يرِدُ عليه احتمالُ ألَّا يكونَ مشتَمِلًا على الحِكمةِ؛ فبَيَّن اللهُ سُبحانَه وتعالى أنَّ السُّنَّةَ حِكمةٌ -وإن كانت من كلامِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أو مِن فِعلِه- لأنَّها موافِقةٌ للصَّوابِ .
قال ابنُ القَيِّمِ: (الحِكمةُ هي سُنَّةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهي تتضَمَّنُ العِلمَ بالحَقِّ، والعمَلَ به، والخَبَرَ عنه، والأمرَ بهـ) .
- من أسماءِ اللهِ الحكيمُ:
من أسماءِ اللهِ تعالى الحكيمُ، ومعناه الموصوفُ بكَمالِ الحِكمةِ، وهي كمالُ العِلمِ والإرادةِ المتضَمِّنَينِ اتِّساقَ صُنعِه، وجَرَيانَه على أحسَنِ الوُجوهِ وأكمَلِها، ووَضْعَه الأشياءَ مواضِعَها؛ فالحكيمُ فعيلٌ بمعنى مُفعِلٍ، من الإحكامِ؛ فهو المحكِمُ الذي يُحكِمُ الأشياءَ كَونًا وشرعًا، ويُحكِمُها عمَلًا وصُنعًا، ومنه قيل: بناءٌ مُحكَمٌ، أي: قد أُتقِن وأُحكِمَ.
والحكيمُ: الموصوفُ بكمالِ الحُكمِ، فعيلٌ بمعنى فاعِلٍ، من الحُكمِ، وهو الفَصلُ والأمرُ؛ فهو الحاكِمُ الذي له الحُكمُ .
- من صفاتِ الحَكيمِ:
- قال ذو النُّونِ المِصريُّ: (صِفةُ الحكيمِ ألَّا يَطلُبَ بحكمتِه المنزلةَ والشَّرَفَ، فإذا أحَبَّ الحكيمُ الرِّئاسةَ زال حُبُّ اللهِ من قَلبِه؛ لِما غلَب عليه من حُبِّ ثناءِ المستَمِعين له، فصار لا يَلفِظُ بمسموعٍ يَنفَعُ؛ للذي غَلَب على قلبِه من حُبِّ تبجيلِ النَّاسِ لهـ) .

انظر أيضا:

  1. (1) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/449).
  2. (2) ((بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)) للفيروزابادي (2/ 490).
  3. (3) يُنظَر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الأحزاب)) (ص: 252).
  4. (4) ((طريق الهجرتين وباب السعادتين)) (ص: 93).
  5. (5) يُنظر: ((اشتقاق أسماء اللهـ)) للزجاجي (ص: 60)، ((شأن الدعاء)) للخطابي (1/73)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/91)، ((مدارج السالكين)) لابن القيم (1/53)، ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (1/67)، ((تفسير أسماء الله الحسنى)) للسعدي (ص: 186)، ((شرح العقيدة الواسطية)) للعثيمين (1/188)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (5/223).
  6. (6) ((شعب الإيمان)) للبيهقي (3/ 289)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (17/ 426).