موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: شَغلُ العَقلِ والقَلبِ بالتَّفَكُّرِ


يَنبَغي إذا غَضِبَ أن يَتَفكَّرَ في أشياءَ تُذهِبُ عنه غَضَبَه أو تُقَلِّلُه وتَجعَلُه لا يَتَقَحَّمُ مِن أجلِه فيما يُذَمُّ عليه، ومنها [392] يُنظر: ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 258-260)، ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 173، 174)، ((مختصر منهاج القاصدين)) لأبي العباس ابن قدامة (ص: 180، 181)، ((التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية)) لمحمد عز الدين توفيق (ص: 381، 382). :
1- أن يَتَفكَّرَ في ثَوابِ الحِلمِ والاحتِمالِ، وكَظمِ الغَيظِ، والعَفوِ، ويَستَحضِرَ النُّصوصَ والأخبارَ الوارِدةَ في ذلك، مِثلُ قَولِه تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133 - 134] ، وقَولِه تعالى: وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 36 - 43] ؛ فتَمنَعُه شِدَّةُ الحِرصِ على ثَوابِ الكَظمِ عنِ التَّشَفِّي والانتِقامِ، ويَنطَفِئُ عنه غَيظُه.
وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ بقَومٍ يَصطَرِعونَ، فقال: ما هذا؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، هذا فُلانٌ الصَّريعُ، ما يُصارِعُ أحَدًا إلَّا صَرَعه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألا أدُلُّكُم على مَن هو أشَدُّ مِنه؟ رَجُلٌ ظَلَمه رَجُلٌ فكَظَمَ غَيظَه، فغَلبَه وغَلبَ شَيطانَه وغَلبَ شَيطانَ صاحِبِهـ)) [393] أخرجه البزار (7272) واللفظ له، والطبراني في ((مكارم الأخلاق)) (52). حَسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (10/535)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (9/71)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (7/870). .
وعنِ الفُضَيلِ، قال: (إذا أتاك رَجُلٌ يَشكو إليك رَجُلًا، فقُل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإنَّ العَفوَ أقرَبُ للتَّقوى، إن كُنتَ تُحسِنُ أن تَنتَصِرَ وإلَّا فارجِعْ إلى بابِ العَفوِ، فإنَّه بابٌ واسِعٌ، فإنَّه مَن عَفا وأصلَحَ فأجرُه على اللهِ، وصاحِبُ العَفوِ يَنامُ على فِراشِه باللَّيلِ، وصاحِبُ الانتِصارِ يُقَلِّبُ الأُمورَ) [394] أخرجه ابن أبي حاتم في ((التفسير)) (18985) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (8/ 112). .
وقال يزيدُ بنُ أبي حَبيبٍ: (إنَّما غَضَبي في نَعلَيَّ، فإذا سَمِعتُ ما أكرَهُ أخذتُهما ومَضَيتُ) [395] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/279). .
2- أن يَذكُرَ غَضَبَ اللهِ وعِقابَه إذا أمضى غَضَبَه بغَيرِ حَقٍّ؛ فاستَعمَل قَلبَه في الحِقدِ والحَسَدِ، أو لسانَه في السَّبِّ واللَّعنِ، أو أعضاءَه في الضَّربِ والجَرحِ ونَحوِ ذلك، فيُخَوِّفَ نَفسَه بعِقابِ اللهِ، وهو أن يَقولَ: قُدرةُ اللهِ عليَّ أعظَمُ مِن قُدرَتي على هذا الإنسانِ، فلو أمضَيتُ غَضَبي عليه لم آمَنْ أن يُمضيَ اللَّهُ غَضَبَه عليَّ يَومَ القيامةِ أحوَجَ ما أكونُ إلى العَفوِ.
وعن أبي مَسعودٍ البَدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ أضرِبُ غُلامًا لي بالسَّوطِ، فسَمِعتُ صَوتًا مِن خَلفي: اعلَمْ أبا مَسعودٍ، فلم أفهَمِ الصَّوتَ مِنَ الغَضَبِ، قال: فلمَّا دَنا مِنِّي إذا هو رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هو يَقولُ: اعلَمْ أبا مَسعودٍ، اعلَمْ أبا مَسعودٍ، قال: فألقَيتُ السَّوطَ مِن يَدي، فقال: اعلَمْ أبا مَسعودٍ أنَّ اللَّهَ أقدَرُ عليك مِنك على هذا الغُلامِ، قال: فقُلتُ: لا أضرِبُ مَملوكًا بَعدَه أبَدًا)) [396] أخرجه مسلم (1659). .
وقال مُحَمَّدُ بنُ عَطيَّةَ السَّعديُّ لابنِه عُروةَ لمَّا وليَ اليمَنَ: (إذا غَضِبتَ فانظُرْ إلى السَّماءِ فوقَك، وإلى الأرضِ تَحتَك، ثُمَّ عَظِّمْ خالِقَهما) [397] يُنظَر: ((الإشراف في منازل الأشراف)) لابن أبي الدنيا (249)، ((روضة العقلاء)) لابن حبان (ص: 211، 212)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (54/221). .
(وقال عَبدُ اللَّهِ بنُ مُسلمِ بنِ مُحارِبٍ لهارونَ الرَّشيدِ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أسألُك بالذي أنتَ بَينَ يَدَيه أذَلُّ مِنِّي بَينَ يَدَيك، وبالذي هو أقدَرُ على عِقابِك مِنك على عِقابي، لَمَا عَفوتَ عنِّي. فعَفا عنه لمَّا ذَكَّرَه قُدرةَ اللهِ تعالى.
وكان بَعضُ مُلوكِ الطَّوائِفِ إذا غَضِبَ أُلقيَ عِندَه مَفاتيحُ تُرَبِ المُلوكِ، فيَزولُ غَضَبُهـ) [398] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص: 259). .
وقيل: غَضِبَ المَهديُّ على رَجُلٍ، فدَعا بالسِّياطِ، فلمَّا رَأى شَبيبٌ شِدَّةَ غَضَبِه، وإطراقَ النَّاسِ، فلم يتَكلَّموا بشَيءٍ، قال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، لا تَغضَبَنَّ للهِ بأشَدَّ مِمَّا غَضِبَ لنَفسِه! فقال: خَلُّوا سَبيلَه [399] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص: 236). .
3- أن يَتَفكَّرَ في أنَّه قد يَتَعَدَّى غَضَبُه إلى الظُّلمِ والبَغيِ والفُجورِ والافتِراءِ والبُهتانِ ومُعاقَبةِ البرآءِ، كَما في حَديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أعظَمَ النَّاسِ فِريةً لرَجُلٌ هاجى رَجُلًا، فهَجا القَبيلةَ بأسرِها، ورَجُلٌ انتَفى مِن أبيه وزَنَّى أُمَّهـ)) [400] أخرجه ابن ماجه (3761) واللفظ له، وابن حبان (5785)، والبيهقي (21659). صَحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (3761)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1646)، وصَحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5785) وحسنه ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/555)، والصنعاني في ((التنوير)) (2/507). .
وقال الحَسَنُ: (يا ابنَ آدَمَ، كُلَّما غَضِبتَ وثَبتَ، ويوشِكُ أن تَثِبَ وَثبةً فتَقَعَ في النَّارِ!) [401] ((إحياء علوم الدين)) (3/165). .
وقال سُفيانُ الثَّوريُّ فيما أوصى به عليَّ بنَ الحَسَنِ السُّلَميَّ: (إيَّاك والحِدَّةَ والغَضَبَ؛ فإنَّهما يَجرَّانِ إلى الفُجورِ، والفُجورُ يجُرُّ إلى النَّارِ) [402] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/83). .
وقال ابنُ مِسكَويهِ: (فإنَّ صاحِبَ هذا الخُلُقِ -خُلقِ الغَضَبِ الذي ذَمَمْناه- تَصدُرُ عنه أفعالٌ رَديئةٌ كثيرةٌ، يجورُ فيها على نَفسِه، ثُمَّ على إخوانِه، ثُمَّ على الأقرَبِ فالأقرَبِ مِن مُعامِليه، حتَّى ينتَهيَ إلى عَبيدِه وإلى حَرَمِه، فيكونَ عليهم سَوطَ عَذابٍ، ولا يُقيلُهم عَثرةً، ولا يرحَمُ لهم عَبرةً، وإن كانوا بُرَآءَ مِن الذُّنوبِ، غَيرَ مُجتَرِمينَ ولا مُكتَسبينَ سوءًا! بَل يتَجَرَّمُ عليهم، ويَهيجُ مِن أدنى سَبَبٍ يجِدُ به طَريقًا إليهم، حتَّى يبسُطَ لسانَه ويدَه، وهم لا يمتَنِعونَ مِنه ولا يتَجاسَرونَ على رَدِّه عن أنفُسِهم، بَل يُذعِنونَ له، ويُقِرُّونَ بذُنوبٍ لم يقتَرِفوها استِكفافًا لشَرّهٍ، وتَسكينًا لغَضَبِه، وهو مَعَ ذلك مُستَمِرٌّ على طَريقَتِه، لا يكُفُّ يدًا ولا لسانًا! ورُبَّما تَجاوزَ في هذه المُعامَلةِ النَّاسَ إلى البَهائِمِ التي لا تَعقِلُ، وإلى الأواني التي لا تُحِسُّ؛ فإنَّ صاحِبَ هذا الخُلُقِ الرَّديءِ... رُبَّما عَضَّ القُفلَ إذا تَعَسَّرَ عليه، وكسَرَ الآنيةَ التي لا يجِدُ فيها طاعةً لأمرِه! وهذا النَّوعُ مِن رَداءةِ الخُلُقِ مَشهورٌ في كثيرٍ مِن الجُهَّالِ، يستَعمِلونَه في الثَّوبِ والزُّجاجِ، والحَديدِ وسائِرِ الآلاتِ) [403] ((تهذيب الأخلاق)) (ص: 168). .
4-أن يُحَذِّرَ نَفسَه عاقِبةَ العَداوةِ والانتِقامِ، وتَشَمُّرَ العَدوِّ لمُقابَلتِه والسَّعيِ في هَدمِ أغراضِه والشَّماتةِ بمَصائِبِه، وهو لا يَخلو عنِ المَصائِبِ، فيَتَفكَّرَ في مُضاعَفاتِ تلك النَّتائِجِ وتسَلسُلِها مِمَّا تَكونُ نَتائِجُه عليه أفدَحَ؛ فيوازِنَ بَينَ المَكاسِبِ والخَسائِرِ إذا كَظَمَ غَيظَه أو أمضاه.
5- أن يَتَفكَّرَ فيما يُؤولُ إليه الغَضَبُ مِنَ النَّدَمِ ومَذَلَّةِ الاعتِذارِ. قال بَعضُهم: (إيَّاكَ وعِزَّةَ الغَضَبِ؛ فإنَّها تُفضي إلى ذُلِّ الاعتِذارِ). وقال بَعضُ الشُّعَراءِ:
وإذا ما اعتَرَتك في الغَضَبِ العِزَّ
ةُ فاذكُرْ تَذَلُّلَ الاعتِذارِ
6-أن يَتَفكَّرَ في قُبحِ صُورتِه عِندَ الغَضَبِ بأن يَتَذَكَّرَ صورةَ غَيرِه في حالةِ الغَضَبِ، ويَتَفكَّرَ في قُبحِ الغَضَبِ في نَفسِه، ومُشابَهةِ صاحِبِه للكَلبِ الضَّاري والسَّبُعِ العادي، ومُشابَهةِ الحَليمِ الهادي التَّارِكِ للغَضَبِ للأنبياءِ والأولياءِ والعُلماءِ والحُكَماءِ، ويُخَيِّرَ نَفسَه بَينَ أن يَتَشَبَّهَ بالكِلابِ والسِّباعِ وأراذِلِ النَّاسِ وبَينَ أن يَتَشَبَّهَ بالأنبياءِ والعُلماءِ والحُكَماءِ في عادَتِهم؛ لتَميلَ نَفسُه إلى حُبِّ الاقتِداءِ بهؤلاء إن كان قد بَقيَ مَعَه مُسكةٌ مِن عَقلٍ.
7-أن يَتَفكَّرَ في السَّبَبِ الذي يَدعوه إلى التَّشَفِّي والانتِقامِ، ويَمنَعُه مِن كَظمِ الغَيظِ والحِلمِ، ويُحَلِّلَه تَحليلًا مَنطِقيًّا، ويُقاوِمَه بالمَعارِفِ الصَّحيحةِ والقِيَمِ السَّليمةِ، ولا بُدَّ أن يَكونَ ثَمَّ سَبَبٌ، مِثلُ قَولِ الشَّيطانِ له: إنَّك إذا لم تَغضَبْ ولم تَنتَقِمْ فسَيُحمَلُ مِنك هذا على الخُنوعِ والضَّعفِ والعَجزِ وصِغَرِ النَّفسِ والذِّلَّةِ والمَهانةِ، وتَصيرُ حَقيرًا في أعيُنِ النَّاسِ، فيَقولُ لنَفسِه: ما أعجَبَك تَأنَفينَ مِنَ الاحتِمالِ الآنَ، ولا تَأنَفينَ مِن خِزيِ يَومِ القيامةِ والافتِضاحِ إذا أخَذَ هذا بيَدِك وانتَقَمَ مِنكِ! وتَحذرينَ مِن أن تَصغُري في أعيُنِ النَّاسِ ولا تَحذَرينَ مِن أن تَصغُري عِندَ اللهِ والمَلائِكةِ والنَّبيِّينَ! فمَهما كَظَم الغَيظَ فيَنبَغي أن يَكظِمَه للهِ، وذلك يُعَظِّمُه عِندَ اللهِ، فما له وللنَّاسِ؟! وذُلُّ مَن ظَلَمه يَومَ القيامةِ أشَدُّ مِن ذُلِّه لوِ انتَقَمَ الآنَ.
8- أن يَستَعينَ بعَقيدةِ القَضاءِ والقَدَرِ لتَهدِئةِ نَفسِه، فيَقولَ: هذا مُرادُ اللهِ وقَضاؤُه؛ ليَرضى ويَسكُنَ، ويَعلَمَ أنَّ غَضَبَه إنَّما كان مِن شَيءٍ جَرى على وَفقِ مُرادِ اللهِ تعالى، لا على وَفقِ مُرادِه، فكَيف يُقدِّمُ مُرادَه على مُرادِ اللهِ تعالى؟!
وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خَدَمتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَشرَ سِنينَ، فما أمَرَني بأمرٍ فتَوانَيتُ عنه أو ضَيَّعتُه فلامَني، فإن لامَني أحَدٌ مِن أهلِ بَيتِه إلَّا قال: دَعُوه، فلو قُدِّرَ -أو قال: لو قُضيَ- أن يَكونَ كان)) [404] أخرجه أحمد (13418) واللفظ له، وعبد الرزاق (17947)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/124). صَحَّحه شُعَيب الأرناؤوط في تَخريج ((مسند أحمد)) (13418)، وصَحَّحَ إسنادَه على شَرطِ مُسلمٍ: الألبانيُّ في تخريج ((كتاب السنة)) (355). وأخرجه مِن طَريقٍ آخَرَ: ابنُ حبان (7179)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7714) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُ ابنِ حبان: عن أنَسٍ قال: ((خَدَمتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَشرَ سِنينَ، فما بَعَثَني في حاجةٍ لم تَتَهَيَّأْ إلَّا قال: لو قُضيَ لكان، أو لو قُدِّرَ لكان)). صَحَّحَ إسنادَه على شَرطِ الشَّيخَينِ: شُعَيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (7179). وذهب إلى تصحيحه ابنُ حِبان. .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (قال الطُّوفيُّ: ... مَن تَوجَّهَ إليه بمَكروهٍ مِن جِهةِ غَيرِه فاستَحضَرَ أنَّ اللَّهَ لو شاءَ لم يُمَكِّنْ ذلك الغَيرَ مِنه، اندَفعَ غَضَبُه...
قُلتُ: وبهذا يَظهَرُ السِّرُّ في أمرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي غَضِبَ بأن يَستَعيذَ مِنَ الشَّيطانِ؛ لأنَّه إذا تَوجَّهَ إلى اللهِ في تلك الحالةِ بالاستِعاذةِ به مِنَ الشَّيطانِ أمكَنَه استِحضارُ ما ذَكَرَ، وإذا استَمَرَّ الشَّيطانُ مُتَلبِّسًا مُتَمَكِّنًا مِنَ الوسوسةِ لم يُمكِّنْه مِنِ استِحضارِ شَيءٍ مِن ذلك. واللَّهُ أعلمُ) [405] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 521). .

انظر أيضا: