موسوعة الفرق

المَطلَبُ الخامِسُ: مُعتَقداتُهم في الإمامةِ


الإمامةُ مِنَ الأصولِ التي قامَ عليها مَذهَبُ الشِّيعةِ على تَعَدُّدِ فِرَقِهم وتَشَعُّبِها؛ حَيثُ تُعَدُّ رُكنًا أساسيًّا عِندَهم.
قال الشَّهرَستانيُّ: (الشِّيعةُ هم الذين شايَعوا عَليًّا رَضيَ اللهُ عنه على الخُصوصِ، وقالوا بإمامَتِه وخِلافَتِه نَصًّا ووَصيَّةً، إمَّا جَليًّا، وإمَّا خَفيًّا، واعتَقدوا أنَّ الإمامةَ لا تَخرُجُ من أولادِه، وإن خَرَجَت فبِظُلمٍ يَكونُ من غَيرِه، أو بتَقيَّةٍ مِن عِندِه، وقالوا: ليستِ الإمامةُ قَضيَّةً مَصلَحيَّةً تُناطُ باختيارِ العامَّةِ ويَنتَصِبُ الإمامُ بنَصبِهم، بل هي قَضيَّةٌ أُصوليَّةٌ، وهي رُكنُ الدِّينِ، لا يَجوزُ للرُّسُلِ عليهم السَّلامُ إغفالُه وإهمالُه، ولا تَفويضُه إلى العامَّةِ وإرسالُه، ويَجمَعُهم القَولُ بوُجوبِ التَّعيينِ والتَّنصيصِ، وثُبوتِ عِصمةِ الأنبياءِ والأئِمَّةِ وُجوبًا عن الكَبائِرِ والصَّغائِرِ، والقَولُ بالتَّوَلِّي والتَّبَرِّي قَولًا وفِعلًا وعَقدًا، إلَّا في حالِ التَّقيَّةِ) [2868] ((الملل والنحل)) (1/ 146). .
وقال عنهم أيضًا: (قالوا: ولَن تَخلوَ الأرضُ قَطُّ من إمامٍ حَيٍّ قائِمٍ، إمَّا ظاهِرٍ مَكشوفٍ، وإمَّا باطِنٍ مَستورٍ، فإذا كان الإمامُ ظاهِرًا جازَ أن يَكونَ حُجَّتُه مَستورًا، وإذا كان الإمامُ مَستورًا فلا بُدَّ أن يَكونَ حُجَّتُه ودُعاتُه ظاهِرينَ. وقالوا: إنَّ الأئِمَّةَ تدورُ أحكامُهم على سَبعةٍ سَبعةٍ كأيَّامِ الأسبوعِ، والسَّمَواتِ السَّبعِ، والكَواكِبِ السَّبعةِ. والنُّقَباءُ تَدورُ أحكامُهم على اثنَي عَشَر. قالوا: وعن هذا وقَعت الشُّبهةُ للإِماميَّةِ القَطعيَّةِ؛ حَيثُ قَرَّروا عَدَدَ النُّقَباءِ للأئِمَّة، ثُمَّ بَعدَ الأئِمَّةِ المَستورينَ كان ظُهورُ المَهديِّ باللهِ، والقائِمِ بأمرِ اللَّهِ وأولادِهم نَصًّا بَعدَ نَصٍّ، على إمامٍ بَعدَ إمامٍ. ومِن مَذهَبِهم أنَّ مَن ماتَ ولم يَعرِفْ إمامَ زَمانِه ماتَ مِيتةً جاهِليَّةً، وكَذلك مَن ماتَ ولم يَكُنْ في عُنُقِه بَيعةُ إمامٍ ماتَ مِيتةً جاهِليَّةً) [2869] ((الملل والنحل)) (1/ 192). .
ومَعَ انحِرافِ الشِّيعةِ الاثنَي عَشريَّةِ وغُلوِّهم في أصلِ الإمامةِ واعتِقاداتِهم في الأئِمَّةِ فإنَّ الشِّيعةَ الإسماعيليَّةَ أشَدُّ غُلوًّا وتَطَرُّفًا منهم، وأعظَمُ انحِرافًا وضَلالًا.
والمُطَّلِعُ على كُتُبِ الإسماعيليَّةِ يَرى الإصرارَ العَجيبَ على هذا الأصلِ وتَضخيمَه حتَّى يَطغى على جَميعِ المُعتَقداتِ، فهو مِحوَرٌ أساسيٌّ تَدورُ عليه كُلُّ عَقائِدِ الإسماعيليَّةِ، فعِندَهم أنَّ الإمامةَ أحَدُ أركانِ الدِّينِ، بل هي الإيمانُ بعَينِه!
قال حَميدُ الدِّينِ الكرمانيُّ [2870] هو حَميدُ الدِّينِ أحمَدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الكرمانيُّ، كان أكبَرَ دُعاةِ الإسماعيليَّةِ في العِراقِ العَرَبيِّ والعِراقِ العَجَميِّ، فلُقِّبَ بحُجَّةِ العِراقَينِ، دَعاه الإمامُ الفاطِميُّ الحاكِمُ بأمرِ اللَّهِ سَنةَ 407هـ إلى مِصرَ، وعَهد إليه بإصلاحِ تَعاليمِ الإسماعيليَّةِ، وحاوَلَ في مُؤَلَّفاتِه أن يُعَمِّقَ العَقيدةَ الإسماعيليَّةَ وأن يُقيمَها على أساسٍ فلسَفيٍّ، توُفِّيَ سَنةَ 411 هـ. يُنظر: ((تاريخ التراث العربي)) لسزكين (3/ 372). : (إنَّ الإمامةَ أحَدُ أركانِ الدِّينِ، بل هي الإيمانُ بعَينِه، وهي أفضَلُ الدَّعائِمِ وأقواها، لا يَقومُ الدِّينُ إلَّا بها، كالدَّائِرةِ التي تَدورُ عليها الفَرائِضُ لا تَصِحُّ إلَّا بوُجودِها) [2871] ((المصابيح في إثبات الإمامة)) (ص: 12). .
وقدِ ابتَدَعَ الإسماعيليَّةُ نَظَريَّاتٍ كثيرةً للإِمامةِ ترمي في مَجموعِها إلى تَقديسِ شَخصِ الإمامِ الإسماعيليِّ مَستورًا كان أم ظاهِرًا، ونادَوا بعِصمةِ الأئِمَّةِ، واختَرَعوا فِكرةَ الاستِقرارِ والاستيداعِ، ففَرَّقوا بَينَ الإمامِ المُستَقِرِّ والإمامِ المُستَودَعِ [2872] يُنظر: ((كتاب عبيد الله المهدي)) لحسن إبراهيم وطه شرف (ص: 280). .
وقد بَلَغَ الغُلوُّ في أصلِ الإمامةِ عِندَ الإسماعيليِّينَ أقصاه حينَ اعتَبَروا رُتبَتَها أعظَمَ قدرًا وأفضَلَ مَنزِلةً مِنَ النُّبوَّةِ والرِّسالةِ، فأطلَقوا على النُّبوَّةِ والرِّسالةِ رُتبةَ (الاستيداعِ)، وأطلَقوا على الإمامةِ والوِصايةِ رُتبةَ (الاستِقرارِ)، ولا شَكَّ بأفضَليَّةِ الرُّتبةِ الثَّانيةِ على الأولى حَسَبَ أصولِ الإسماعيليَّةِ وقَواعِدِها.
نظريَّةُ الاستقرارِ والاستيداعِ:
هي عَقيدةٌ اختَصَّ بها الإسماعيليَّةُ، ويَعنونَ بها أنَّ الإمامةَ نَوعانِ: إمامةٌ مُستَقِرَّةٌ، وإمامةٌ مُستَودَعةٌ؛ فحينَما يَتَوَلَّى الإمامةَ شَخصٌ من آلِ البَيتِ حَسَبَ سِلسِلَتِهم لهؤلاء الأئِمَّةِ يَكونُ مُستَقِرًّا، وهو الذي يَملِكُ نَقلَ الإمامةِ إلى مَن بَعدَه.
أمَّا حينَما يَتَوَلَّاها الحُجَّةُ أو أحَدُ الدُّعاةِ المُقَرَّبينَ مِنَ الإمامِ فإنَّه يَكونُ إمامًا مُستَودَعًا، فتُعتَبَرُ الإمامةُ عِندَه وديعةً لا يَملِكُ نَقلَها إلى أحَدٍ البَتَّةَ بل يُسَلِّمُها إلى صاحِبِها الأصليِّ عِندَ زَوالِ أسبابِ الاستيداعِ؛ فالإمامُ المُستَودَعُ هو ذلك الشَّخصُ الذي يَتَوَلَّى الإمامةَ مُؤَقَّتًا كأن يكونَ الإمامُ المُستَقِرُّ صَغيرًا لا يَستَطيعُ القيامَ بمَهامِّ الإمامةِ أو يَجِبُ أن يَكونَ مَستورًا لا يَظهَرُ إلَّا للمُقَرَّبينَ إليه في بَعضِ الظُّروفِ الاستِثنائيَّةِ [2873] يُنظر: ((أسرار النطقاء)) لجعفر بن منصور. ويُنظر: ((قرامطة العراق)) لعليان (ص: 282). .
ورُبَّما يَكونُ الغَرَضُ الأساسيُّ من نَظَريَّةِ الاستيداعِ الإماميِّ مُقارَعةَ الشِّيعةِ الاثنَي عَشريَّةِ، وإبطالِ ادِّعائِهم أنَّ موسى الكاظِمَ نالَ الإمامةَ بَعدَ جَعفَرٍ الصَّادِقِ؛ فإنَّ بَعضَ الإسماعيليَّةِ يُقِرُّونَ بأنَّ موسى الكاظِمَ كان مَعَ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيلَ كالحَسَنِ بنِ عَليٍّ مَعَ أخيه الحُسَينِ وأبنائِه، فكان الحَسَنُ بزَعمِهم إمامًا مُستَودَعًا للحُسَينِ وأبنائِه، فيُحتَمَلُ أنَّ الإسماعيليَّةَ استَخدَموا نَظَريَّةَ الاستيداعِ الإماميِّ لمُقاوَمةِ الاثنَي عَشريَّةِ وإبطالِ حَقِّهم في الإمامةِ من جِهةٍ، وجَذبِهم إلى المَذهَبِ الإسماعيليِّ من جِهةٍ أخرى؛ لأنَّهم أقَرُّوا للِاثنَي عَشريَّةِ بإمامةِ موسى الكاظِمِ، ولَكِنَّهم في الوَقتِ نَفسِه نَفَوها عن أبنائِه [2874] يُنظر: ((عبيد الله المهدي)) لحسن إبراهيم وطه شرف (ص: 286، 287). .
دعوى ألوهيَّةِ الأئمَّةِ:
أضافَ الإسماعيليُّونَ إلى أئِمَّتِهم صِفاتِ الألوهيَّةِ، وغَلَوا في ذلك غُلوًّا عَظيمًا، فمِن وصاياهم إلى أتباعِهم قَولُ الخَطَّابِ بنِ حَسَنٍ: (والعِلمُ بأنَّ الإمامَ المَوجودَ للأنامِ لا يَخلو منه مَكانٌ؛ لأنَّه إلَهيُّ الذَّاتِ سَرمَديُّ الحَياةِ، ولو لم يَتَأنَّسْ بالحُدودِ والصِّفاتِ لما كان للخَلقِ إلى مَعرِفَتِه وُصولٌ) [2875] ((غاية المواليد)) (ص: 129). .
وكَأنَّه بهذا الوَصفِ لا يَصِفُ الإمامَ الفاطِميَّ، وإنَّما يَصِفُ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ [2876] يُنظر: ((تاريخ الأدب العربي)) لضيف (7/ 59). .
نورانيَّةُ الأئِمَّةِ:
مِن مَظاهِرِ الإسماعيليِّينَ في أصلِ الإمامةِ والأئِمَّةِ زَعمُهم بأنَّ تَكوينَهم الخَلقيَّ يَختَلِفُ عن سائِرِ البَشَرِ.
ويَقولونَ: إنَّ مُحَمَّدًا وعَليًّا خُلِقا من نورٍ واحِدٍ، ونَسَبوا إلى عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (أنا ومُحَمَّدٌ من نورٍ واحِدٍ من نورِ اللهِ تَعالى) [2877] ((زهر المعاني)) للداعي إدريس عماد الدين (ص: 74). ضمن ((المنتخب من بعض كتب الإسماعيلية)) لأيوانوف. ، وأنَّه قال أيضًا: (نَحنُ نورٌ من نورِ اللهِ، وشيعَتُنا مِنَّا) [2878] ((ديوان المؤيد)) لحسين (ص: 76). .
وزَعَموا أنَّ الإمامَ الإسماعيليَّ حينَما يَكونُ جَنينًا في بَطنِ أمِّه فإنَّه لا يَتَغَذَّى من دَمِ الحَيضِ كسائِرِ البَشَرِ بل يَتَغَذَّى دُهنًا لَطيفًا شَريفًا مَعَ ما لأمَّهاتِ الأئِمَّةِ من خاصِّيَّةِ عَدَمِ الحَيضِ، وإذا خَرَجَ هذا الجَنينُ ففيه مِنَ الصَّفاءِ والإشراقِ والنُّورِ والضِّياءِ ما يَفوقُ الوَصفَ، ثُمَّ بَعدَ خُروجِه يَتَّصِلُ به الهَيكَلُ النُّورانيُّ بوَساطةٍ مِنَ العَقلِ الأوَّلِ بَعدَ النَّصِّ عليه بالإمامةِ من والِدِه [2879] يُنظر: ((أربعة كتب إسماعيلية)) جمع شتروطمان (ص: 8). .
علْمُ الأئِمَّةِ الغيبَ:
ادَّعى الإسماعيليَّةُ لأئِمَّتِهم خاصِّيَّةً لا يَملِكُها أو يَتَّصِفُ بها سِوى اللهِ عَزَّ وجَلَّ العَليمِ الخَبيرِ، فزَعَموا أنَّ أئِمَّتَهم يَعلَمونَ الغَيبَ، ويَكشِفونَ عن المَكنونِ.
قال المَلطيُّ: (أنَّ الإسماعيليَّةَ يَقولونَ عن أئِمَّتِهم: إنَّهم يَعلَمونَ الغَيبَ، ويَقدِرونَ على كُلِّ شَيءٍ، ولا يُعجِزُهم شَيءٌ، ويَقهَرونَ ولا يُقهَرونَ، ويَعلَمونَ ولا يُعَلَّمونَ، ولهم عَلاماتٌ ومُعجِزاتٌ وأماراتٌ ومُقدِّماتٌ قَبلَ مَجيئِهم وظُهورِهم وبَعدَ ظُهورِهم يَعرِفونَ بها، وهم مُبايِنونَ لسائِرِ النَّاسِ في صوَرِهم وأطباعِهم وأخلاقِهم وأعمالِهم) [2880] ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) (ص: 20). .
وهذه نُصوصُهم ناطِقةً بنَفسِها شاهِدةً على ذلك:
قال قاضيهم ابنُ حَيُّونَ: (وجاءَ عن أولياءِ اللهِ مِنَ الأخبارِ عَمَّا كان يَكونُ من أمرِ العِبادِ) [2881] ((تأويل الدعائم)) (1/ 145). .
وقال الكرمانيُّ عِندَ ذِكرِه للحاكِمِ الفاطِميِّ: (إنَّ له مُعجِزةً بل مُعجِزاتٍ وأخبارًا بالكائِناتِ قَبلَ كونِها، وإظهارًا للعُلومِ المَكنونةِ) [2882] ((المصابيح في إثبات الإمامة)) (ص: 140). .
وقال المُؤَيِّدُ الشِّيرازيُّ: (إنَّ الأئِمَّةَ يَعلَمونَ من أمرِ المَبدَأِ والمَعادِ ما حَجَبَه اللهُ عن كافَّةِ العِبادِ) [2883] ((المجالس المؤيدية)) (ص: 441). .
عِصمةُ الأئِمَّةِ:
ادَّعى الإسماعيليُّونَ لأئِمَّتِهم خَصائِصَ وصِفاتِ الاطِّلاعِ على حَقائِقِ الخَلقِ في كُلِّ الأمورِ إلَّا أنَّه لا يَنزِلُ عليه الوَحيُ، وإنَّما يَتَلَقَّى ذلك مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه خَليفَتُه وبإزاءِ مَنزِلَتِه، فيَكونُ مَعصومًا مِثلَه [2884] يُنظر: ((قرامطة العراق)) لعليان (ص: 178). .
ومِمَّا قاله أحَدُ شُعَراءِ الإسماعيليَّةِ في إثباتِ العِصمةِ:
إنَّ الإمامَ قائِمٌ بالحُكمِ بَينَ الوَرى مُؤَيَّدٌ بالعِصمةِ
وكُلُّ ما يَفعَلُه صَوابٌ لا شَكَّ في ذاكَ ولا ارتيابَ [2885] ((القصيدة الصورية)) للصوري (ص: 65). .
قال الغَزاليُّ عن الباطِنيَّةِ: (قدِ اتَّفَقوا على أنَّه لا بُدَّ في كُلِّ عَصرٍ من إمامٍ مَعصومٍ قائِمٍ بالحَقِّ يُرجَعُ إليه في تَأويلِ الظَّواهِرِ وحَلِّ الإشكالاتِ في القُرآنِ والأخبارِ والمَعقولاتِ، واتَّفَقوا على أنَّ هذا الإمامَ هو المُتَصَدِّي لهذا الأمرِ، وأنَّ ذلك جارٍ في نَسَبِهم لا يَنقَطِعُ أبَدَ الدَّهرِ، واتَّفَقوا على أنَّ الإمامَ يُساوي النَّبيَّ في العِصمةِ والاطِّلاعِ على حَقائِقِ الحَقِّ في كُلِّ الأمورِ، ولا يُتَصَوَّرُ في زَمانٍ واحِدٍ إمامانِ، ويَستَظهِرُ الإمامُ بالحُجَجِ والمَأذونينَ والأجنِحةِ، ثُمَّ قالوا: إنَّ لكُلِّ فترةٍ زَمَنيَّةٍ نَبيًّا ناطِقًا، ومَعنى النَّاطِقِ أنَّ شَريعَتَه ناسِخةٌ لِما قَبلَه، ومَعنى الصَّامِتِ أن يَكونَ قائِمًا على ما أسَّسَه غَيرُه، وبَينَ كُلِّ ناطِقٍ وآخَرَ سِتَّةُ أئِمَّةٍ، وعَدَدُ النُّطَقاءِ سَبعةٌ، أوَّلُهم آدَمُ ثُمَّ نوحٌ ثُمَّ إبراهيمُ ثُمَّ موسى ثُمَّ عيسى ثُمَّ مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى إخوانِه الأنبياءِ والمُرسَلينَ، وسوْسُه [2886] عَرَّفَ الغَزاليُّ السوسَ بأنَّه هو البابُ إلى عِلمِ النَّبيِّ في حَياتِه، والوَصيُّ بَعدَ وفاتِه، والإمامُ لمَن هو في زَمانِه. يُنظر: ((فضائح الباطنية)) (ص: 43). عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ، وبَعدَه سِتَّةٌ مِنَ الأئِمَّةِ سادِسُهم جَعفَرٌ الصَّادِقُ، وقد استتمُّوا سَبعةً مَعَ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيلَ الذي صارَ ناسِخًا لِما قَبلَه، وهكذا يَدورُ الأمرُ أبَدَ الدَّهرِ... هذا ما نُقِلَ عنهم مَعَ خُرافاتٍ كثيرةٍ أهمَلْنا ذِكرَها ضِنَّةً بالبَياضِ أن يُسَوَّدَ بها) [2887] ((فضائح الباطنية)) (ص: 42 - 44). .
وقال ابنُ الجَوزيِّ: (إنَّ الطَّريقَ الذي سَلَكَه الإسماعيليَّةُ هو اختيارُ رَجُلٍ يَزعُمُ أنَّه من أهلِ البَيتِ يَجِبُ على كُلِّ الخَلقِ كافَّةً مُتابَعَتُه، ويَتَعَيَّنُ عليهم طاعَتُه، ويَكونُ هذا الإمامُ مَعصومًا مِنَ الخَطَأِ والزَّلَلِ من جِهةِ اللهِ تعالى) [2888] ((تلبيس إبليس)) (ص: 106). .
وقال عن الإسماعيليَّةِ: (اتَّفَقوا على أنَّه لا بُدَّ لكُلِّ عَصرٍ من إمامٍ مَعصومٍ قائِمٍ بالخَلقِ، يُرجَعُ إليه في تَأويلِ الظَّواهِر، مُساوٍ للنَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في العِصمةِ) [2889] ((تلبيس إبليس)) (ص: 108). .

انظر أيضا: