موسوعة الفرق

المَطلَبُ السَّادِسُ: مُعتَقدُهم في صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم


يَتَّفِقُ الإسماعيليَّةُ مَعَ الشِّيعةِ في كونِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم قدِ اغتَصَبوا عَليًّا رَضيَ اللهُ عنه حَقَّه بَعدَ وفاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّهم لم يُنَفِّذوا وصيَّتَه في أهلِ بَيتِه، وأنَّهم بَدَّلوا وحَرَّفوا في كِتابِ اللهِ تَعالى.
وهذا أحَدُ نُصوصِ دُعاتِهم المُمتَلِئةِ بافتِراءِ الأكاذيبِ ودونَ أيِّ دَليلٍ وبُرهانٍ، فمِمَّا قاله الدَّاعي الإسماعيليُّ عَليُّ بنُ الوَليدِ فيما يَجِبُ على المُؤمِنِ اعتِقادُه عِندَهم: (ويَعتَقِدُ أنَّ هذه الأمَّةَ فعَلَت فِعلَ الأمَمِ من قَبلِها فتَفَرَّقَت، وتَشَتَّتَت ووَقَعَ فيها الفَسادُ وزالَت عنها أحكامُ الدِّينِ ومالَت إلى أحكامِ الهَوى، تَنظُرُ الاختِلافَ فلا تَقدِرُ على النَّهيِ عنه لوُجودِ التَّعَصُّبِ؛ وإظهارِ الأحقادِ الكامِنةِ على أهلِ بَيتِ النُّبوَّةِ، فمِن ذلك أنَّهم في أوَّلِ أمرِهم جَحَدوا الوَصيَّ، وأنكَروا وصيَّةَ الرَّسولِ ودَحَضوها وغَطَّوا أمرَها ورَدُّوا أمرَ النَّبيِّ الذي ألزَمَهم بالوَصيَّةِ وأكَّدَها على الكافَّةِ، وقد فعَلوا ما أرادوه من تَقدِمةِ مَن قدَّموه كفِعلِ قَومِ موسى في حالِ السَّامِريِّ والعِجلِ وتَقديمِه، والإعراضِ عن هارونَ ونَقضِ وصيَّةِ موسى إليهم فيه، ثُمَّ وضعِهم الحَطَبَ على بابِ بَيتِ عَليٍّ، وفيه سَيِّدةُ نِساءِ العالمينَ فاطِمةُ الزَّهراءِ ابنةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُحرِقوه لمَّا امتَنَعَ عن الخُروجِ إلى البَيعةِ عِندَما اختاروه، ومَثَلُهم في ذلك مَثَلُ ما فعَلَ قَومُ إبراهيمَ لمَّا باينهم في حالِهم وبَيَّنَ عَجزَهم قالوا: حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ [الأنبياء: 68] وفِعلِهم بالكِتابِ الذي جَمَعَه وألَّفَه عِندَما أخرَجَه إليهم، وقَولِهم له: عِندَنا الكِتابُ، وتَركِهم له عِندَما عَلِموا أنَّه بَيَّن فيه فضائِحَهم، فدَرَسوه وأخفَوا أثَرَه، كما فعَلَ قَومُ موسى، وقد أخبَرَ عنهم سُبحانَه وتَعالى بقَولِه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ... [الأنعام: 91] ولمَّا جَعَلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَديلَ هارونَ من موسى ثَبَتَت له الوِلايةُ عليهم يَومَ غَديرِ خُمٍّ وغَيرِه مِنَ الأيَّامِ قَبلَه وبَعدَه يَومَ ألوَوا عنه إلى غَيرِه بغَيرِ حُجَّةٍ ولا أمرٍ مِنَ اللهِ، ولا فضلٍ ولا عِلمٍ ولا سابِقةٍ ولا قَرابةٍ، فبِئسَ ما عَمِلوه وما فعَلوه؛ فلَمَّا تَحَقَّقنا أفعالَهم ومَيلَهم إلى التَّعَصُّبِ وجَبَ عَلَينا البُعدُ عنهم وإرجاءُ حالِهم لأنَّ الأمانةَ قد سَقَطَت، وإذا سَقَطَتِ الأمانةُ فلا مُقامَ ولا رُكونَ بَعدَ ذلك؛ لأنَّ الاعتِرافَ بأهلِ البَيتِ والكَونَ مَعَهم؛ ولأنَّهم أهلُ الجَماعةِ دونَ الفُرقةِ، وأهلُ الاتِّفاقِ دونَ الاختِلافِ، وأهلُ الوَصيَّةِ دونَ الجاحِدينَ، وأهلُ الصِّدقِ للرَّسولِ دون مَن قَصَدَ تَكذيبَه... ما أعظَمَ ما فعَلوه وما أسوَأَ ما اعتَقَدوه) [2890] ((تاج العقائد)) (ص: 80-82). .

انظر أيضا: