موسوعة التفسير

سُورةُ الأعرافِ
مقدمة السورة

أسماء السورة:

سُمِّيَتْ هذه السُّورةُ بِسُورةِ الأعرافِ [1] وجْهُ تَسمِيَتِها بهذا الاسمِ: هو ذِكْرُ لَفظِ الأعرافِ، وشأنِ أهلِ الأعرافِ فيها دُونَ غَيرِها مِنَ السُّورِ. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (1/203)، ((تفسير ابن عاشور)) (8-ب/5). :
فعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قَرَأَ في صلاةِ الـمَغرِبِ بسورةِ الأعرافِ؛ فَرَّقَها في رَكعتَينِ )) [2] أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (991)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3362)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (4037). حسَّن إسنادَه النووي في ((المجموع)) (3/383)، وابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (3/183)،  وقال ابنُ القيِّم في ((تهذيب السنن)) (3/109): إسنادُه صحيحٌ، وأصلُه في الصحيح. وصحَّحه الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (2/258)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (990). .
وعَن زَيدِ بنِ ثابتٍ: أنَّه قال لِمَروانَ بنِ الحَكَمِ: ((ما لي أَراكَ تَقرَأُ في المَغرِبِ بِقِصارِ السُّوَرِ، وقد رأيتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يقرأُ فيها بأطوَلِ الطُّولَيَينِ؟ قال مروانُ: قُلتُ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أطَولُ الطُّولَيَينِ؟ قال: الأعرافُ )) [3] أخرجه البخاري (764) وليس فيه التصريح بقراءة الأعراف، والنسائي (990) واللفظ له. .

بيان المكي والمدني :

سورةُ الأعرافِ مَكِّيَّةٌ [4] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (10/52)، ((تفسير ابن عطية)) (2/372)، ((تفسير الرازي)) (14/194)، ((تفسير أبي حيان)) (5/8). ؛ ونقَلَ غَيرُ واحدٍ الإجماعَ على ذلك [5] ممن نقلَ الإجماعَ على ذلك الفيروزآبادي، ومحمد رشيد رضا. يُنظَر ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (1/203)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (8/260). وقيل: إنَّها مكيَّةٌ غيرَ ثماني آياتٍ، مِن قولِه تعالى: وَاسْأَلْهُمْ إلى قَولِه تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ وقيل: إنَّها مكيَّةٌ إلَّا خَمسَ آياتٍ، مِن قَولِه تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ إلى آخِرِ الخَمسِ. وقيل: إنَّها مكَّيَّةٌ غيرَ ثلاثِ آياتٍ، مِن قَولِه تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ إلى آخِرِ الثَّلاثِ الآياتِ. وقيل: إنَّها مكيَّةٌ إلَّا آيةً واحدةً، وهي قَولُه تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ...إلى آخِرِها. يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/85)، ((تفسير القرطبي)) (7/160)، ((تفسير البيضاوي)) (3/5)، ((تفسير الشربيني)) (1/462)، ((تفسير أبي السعود)) (3/209)، ((تفسير الماوردي)) (2/198)، ((تفسير البغوي)) (3/213)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (1/103). .

مقاصد السورة :

مِن أهَمِّ المقاصِدِ التي تضَمَّنَتْها سورةُ الأعرافِ:
تَسليةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في تَكذيبِ الكفَّارِ إِيَّاه [6] يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزآبادي (1/204). .
إنذارُ مَن أعرَضَ عمَّا دعا إليه الكِتابُ في السُّوَرِ الماضِيَةِ [9] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (7/347). .

موضوعات السورة :

من أبرَزِ مَوضوعاتِ سُورةِ الأعرافِ:
التَّنويهُ بِعَظَمةِ الكِتابِ الكَريمِ.
النَّهيُ عن اتِّخاذِ الشُّركاءِ مِن دُونِ اللهِ، وإنذارُ المُشركينَ مِن سُوءِ عاقِبةِ الشِّركِ في الدُّنيا والآخرةِ، ووَصْفُ ما حَلَّ بالمُشركينَ والَّذينَ كَذَّبوا الرُّسُلَ؛ مِن سُوءِ العَذابِ في الدُّنيا، وما سيحُلُّ بهم في الآخِرةِ، وإقامةُ الأدلَّةِ على وحدانيةِ الله.
ذِكْرُ وَزنِ الأَعمالِ يَومَ القيامةِ، وتذكيرُ النَّاسِ بِنِعمةِ خَلقِ الأرضِ، وتمكينِ النَّوعِ الإنسانيِّ مِن خَيراتِ الأرضِ، وبنعمةِ اللهِ على هذا النَّوعِ بخَلْقِ أصْلِه وتفضيلِه.
ذِكرُ خَلقِ آدَمَ، وإِباء إِبليسَ مِنَ السَّجدةِ لآدَمَ، ووسوسَته لهما للأكْلِ مِنَ الشَّجَرةِ، وما نشَأَ مِن عَداوةِ جِنسِ الشَّيطانِ لِنَوعِ الإنسانِ، وتحذيرُ النَّاسِ مِنَ التَّلَبُّسِ ببقايا مَكرِ الشَّيطانِ؛ مِن تَسويلِه لهم حِرمانَ أنفُسِهم الطَّيِّباتِ، ومِنَ الوُقوعِ فيما يَزُجُّ بهم في العذابِ في الآخرةِ.
وصفُ أهوالِ يَومِ الجَزاءِ للمُجرمينَ، وكراماتِه للمُتَّقينَ.
ذِكرُ قِصَّةِ أصحاب الأعرافِ، والتذكيرُ بالبَعثِ، وتقريبُ دَليلِه.
النَّهيُ عن الفسادِ في الأرضِ التي أصلَحَها اللهُ لفائدةِ الإنسانِ، والتَّذكيرُ بِبَديعِ ما أوجَدَه اللهُ لإصلاحِها وإحيائِها.
ذِكرُ أحوالِ الرُّسُلِ مع أقوامِهم المُشركينَ، وما لاقَوْه مِن عنادِهم وأذاهم، بدأً بقِصَّةِ نوحٍ والطُّوفانِ، ثم ذِكْرِ هُودٍ وهلاكِ عادٍ، ثمَّ حديثِ صالحٍ وقَهرِ ثَمودَ، ثمَّ خبَرِ لُوطٍ وقَومِه، ثمَّ خبَرِ شُعَيْبٍ وأَهلِ مَدْيَنَ.
تَخويفُ الآمنينَ مِن مَكرِ اللهِ، وإنذارُهم بعَدَمِ الاغترارِ بإمهالِ اللهِ النَّاسَ، قبل أن يُنزِلَ بهم العذابَ؛ إعذارًا لهم أن يُقلِعُوا عن كُفْرِهم وعِنادِهم؛ فإنَّ العَذابَ يأتِيهم بغتةً بعد ذلك الإمهالِ.
تَفصيلُ أَحوالِ موسى وفِرعونَ والسَّحَرةِ، واستغاثةُ بني إِسرائيلَ، وذِكرُ الآياتِ المُفَصَّلاتِ، وحديثُ خِلافةِ هارونَ، وميقاتُ موسى، وقصَّةُ عِجْل السَّامِرىِّ في غَيْبَةِ موسى، ورجوعُ موسى إِلى قَومِه، ومُخاطَبَتُه لأَخيه هارونَ.
ذِكرُ بِشارةِ اللهِ بِبَعثةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وصِفَة أُمَّتِه، وفَضْل دِينِه.
الإِشارةُ إِلى ذِكرِ الأَسباطِ، وقصَّةِ أَصحابِ السَّبْتِ.
مَوعظةُ المشركينَ كيف بدَّلُوا الحنيفيَّةَ، وتقَلَّدوا الشِّركَ، وضَرَبَ لهم مَثلًا بمَن آتاه اللهُ الآياتِ، فوَسْوَس له الشَّيطانُ، فانسلَخَ عن الهُدى.
وَصْفُ حالِ أهلِ الضَّلالةِ، ووَصْفُ تَكذيبِهم بما جاء به الرَّسولُ، ووَصْفُ آلِهَتِهم بما يُنافي الإلهيَّةَ، وأنَّ لله الصِّفاتِ الحُسنى، صفاتِ الكَمالِ.
أمْرُ اللهِ لِرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم والمُسلمينَ؛ بِسَعةِ الصَّدرِ، والمُداومةِ على الدَّعوةِ، وتَحذيرُهم مِن مَداخِلِ الشَّيطانِ؛ بِمُراقبةِ اللهِ بذِكْرِه سِرًّا وجَهرًا، والإقبالِ على عبادَتِه.
الحديثُ عن العهدِ الذي أخَذه الله على البشرِ؛ بأنْ يعبدُوه، ولا يُشْركوا به شيئًا، والحضُّ على التفكُّرِ والتدبُّر في ملكوتِ السمواتِ والأرضِ.