موسوعة التفسير

سُورَةُ آل عِمْرانَ
الآيات: (113-115)

ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ

غريبُ الكَلِمات:

آنَاءَ اللَّيْلِ: ساعاته، وآناء جمْعٌ، مُفْرده: إِنْيٌ وإِنًى وأَنا، وأصْله: ساعة من الزَّمان يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 283)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 69)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/141) (5/225)، ((المفردات)) للراغب (ص: 96)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 234)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 127)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 201). .
فَلَنْ يُكْفَرُوهُ: أي: فلن يُحرَموه، ولن يَضيعَ ولن يَنقُص ثوابُه ألبتَّةَ، وأصْل الكُفر: السَّتر والتَّغطية يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/191)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 993، 267). .

المَعنَى الإجماليُّ:

يُخبِر تعالى أنَّ أهلَ الكتاب ليسوا جميعُهم سواءً؛ فكما أنَّ فيهم طائفةً مذمومة، فهناك طائفةٌ هداهم اللهُ فأسْلَموا، فهم مُستمسِكون بالحقِّ، يَقرؤون كتابَ الله في صلواتهم التي يؤدُّونها في ساعاتِ الليل، ويؤمنون بالله تعالى، وباليوم الآخر وما يتعلَّق به، كما يأمرون غيرهم بالمعروف ويَنْهونهم عن المُنْكر، ويُبادِرون إلى فِعْل الخيرات، وهؤلاء الذين يَفعلون هذا الفعلَ هم من الصَّالحين، وما يقومون به من عملٍ من أعمال الخير، فلن يَذهب سُدًى، والله سبحانه عالِم بأهل التَّقوى ومُطَّلِع عليهم، وسيَجزيهم على تقواهم.

تفسير الآيات:

لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا بيَّن تعالى الفِرْقةَ الفاسقةَ من أهل الكتاب، وبيَّن أفعالَهم وعقوباتِهم، بيَّن هاهنا الأُمَّةَ المستقيمة، وبيَّن أفعالَها وثوابَها يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 143-144). ، فقال:
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ
أي: ليس جميعُ أهلِ الكتاب على حدٍّ سواء، فلا يَستوي مَن تقدَّم ذمُّهم من أهلِ الكتاب، وهؤلاء الذين أَسْلَموا منهم، فإنَّ منهم جماعةً ثابتة على الحقِّ، مُتمسِّكة به، مستقيمةً على هَدْي القرآن والسُّنَّة يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/689-694)، ((تفسير ابن كثير)) (2/105)، ((تفسير السعدي)) (ص: 144)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/57-58). .
يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ
أي: يَقرؤون كتابَ الله تعالى في صلاتِهم في ساعات اللَّيل يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/695-699)، ((تفسير ابن كثير)) (2/105)، ((تفسير السعدي)) (ص: 144)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/58). .
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذكَر الله تعالى من صِفات تلك الأُمَّة، تَهجُّدها وقيامها، ذكَر ما أَثمَر لهم هذا التَّهجُّدُ وهو الإيمان يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/32). ، فقال:
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
أي: يُؤمنون بالله تعالى، وبكلِّ ما يتعلَّق باليوم الآخِر من بعدِ الموت: كالبعث، والحشر، والجزاء على أعمالِهم، ودخولِ الجنَّة أو النَّار وغير ذلك، ولا يَكْتفون بتطهيرِ قلوبِهم وصلاح أنفسهم، بل يَسْعون أيضًا في إصلاحِ الآخَرين، فيأمرونهم بكلِّ ما أمَر به الشَّرع من مُعتقَدات وأعمال، ويَنْهَوْنهم عن كلِّ ما نهى عنه الشَّرعُ مِن مُعتقَداتٍ وأعمال، ويَبتدِرون فِعْلَ الخيرات، ويَنتهِزون الفرصَ إليها؛ خَشيةَ الفَواتِ بحلول وقتِ الممات يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/699)، ((تفسير السعدي)) (ص: 144، 972)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/77، 79). .
وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ
أي: إنَّ هؤلاءِ الذين قاموا بهذه الأعمالِ الجليلةِ ممَّن أَسلَم من أهل الكتاب هم في الحقيقةِ من عِداد الصَّالحين يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/700)، ((تفسير السعدي)) (ص: 144)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/80). .
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)
القِراءاتُ ذاتُ الأثرِ في التَّفسير:
في قوله تعالى: وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ قراءتان:
1- وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ بياءِ الغَيبة، على أنَّ المرادَ الطَّائفةُ المؤمنةُ من أهل الكتابِ التي تقدَّم ذِكْرُها قرأ بها حمزة والكسائي وخلف وحفص. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/241). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((الحجة)) لابن خالويه (ص: 113)، ((معاني القراءات)) للأزهري (1/269)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 170-171). .
2- وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ بتاءِ الخطابِ على أنَّ الخطابِ لأُمَّة محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قرأ بها الباقون وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (2/241). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((الحجة)) لابن خالويه (ص: 113)، ((معاني القراءات)) للأزهري (1/269)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 170-171). .
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ
أي: إنَّ كلَّ ما يَعمَله مَن أَسلَم مِن أهل الكتاب، مِن خير (قليلًا كان أو كثيرًا) فلن يُجحَد ويَذهَب سُدًى بلا ثوابٍ ولا مُجازاة، بل سيُشكَرون على ما فَعلوا، ويُجزَون عليه أوفرَ الجزاء ((تفسير ابن عطية)) (1/494)، ((تفسير القرطبي)) (4/175)، ((تفسير ابن كثير)) (2/105)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/59). وقيل المراد: من كان على استقامة من أهل الكتاب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/689-702)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143، 972)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/57-58). .
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ.
أي: إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يَخْفى عليه كلُّ مَن قصَد تقواه وأراد رِضاه، بامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهيه، وسيَجزي الله المتَّقين يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (5/702)، ((تفسير ابن كثير)) (2/105)، ((تفسير السعدي)) (ص: 972، 973). .

الفوائد التربوية:

1- بيانُ عدْلِ الله تعالى، وأنَّه يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فلَمَّا ذمَّ أهلَ الكتاب في الآيات السَّابقة، فقد يتوجَّه الفَهْمُ إلى أنَّ جميعَ أهل الكتاب على هذا الوصفِ مِن أنهم يَكْفُرون بآياتِ الله، ويَقتُلون الأنبياءَ بغير حقٍّ، ويَعْصون الله ويَعتَدون على حقِّه وحقِّ عباده؛ فقال تعالى: لَيْسُوا سَوَاءً أي: منهم مَن ليس كذلك يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/81). ، فينبغي العدلُ والإنصافُ حتى مع المخالِفين.
2- قول الله تعالى وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ يدلُّ على أهميَّة الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكَر؛ وذلك لأنَّه بعد تكميلِ المؤمنين أنفسَهم بالإيمانِ ولَوازِمه، يَسْعَون في تكميلِ غيرِهم من النَّاقِصين، وذلك بأمرهم بكلِّ خيرٍ، ونهيهم عن كلِّ شرٍّ، فهذا هو الغاية القُصوى في الكمال يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/333)، ((تفسير أبي حيان)) (3/312)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/83). .
3- قول الله تعالى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ فيه الحثُّ على التَّقوى، فالأعمالُ ثوابُها تَبَعٌ لِمَا يقوم بقلْب صاحبها من الإيمان والتَّقوى، ولا يفوز عند الله تعالى إلا أهل التَّقوى يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/335)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/85). .

الفوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف:

1- في قول الله عزَّ وجلَّ: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، جاء ذِكْرُ الإيمان بالله واليوم الآخِر بعد ذِكْر تِلاوة الآيات؛ لأنَّه لا يُمكِن الإيمان بالشَّيء إلا بعد العِلم به، فهم إذا تَلَوا آياتِ الله، علِموا باليوم الآخر، ثم آمنوا به يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/83). .
2- في قول الله تعالى: يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ خصَّ ذِكْر الإيمان بالله تعالى؛ لأنَّه يَستلزِمُ الإيمان بجميعِ أنبيائه ورُسله يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/333). .
- وخصَّ الإيمان باليومِ الآخِر؛ لأنَّ الإيمانَ الحقيقيَّ باليوم الآخِر يَستلزِمُ الحذرُ من المعاصي، فيحثُّ المؤمنَ به على فِعلِ ما يُقرِّبه إلى الله، ويُثاب عليه في ذلك اليوم، وترْكِ كُلِّ ما يُعاقَب عليه في ذلك اليوم يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/333)، ((تفسير السعدي)) (ص: 143). .
3- قول الله تعالى: وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ يدلُّ على أنَّه مَن فعَل خيرًا أُثيبَ عليه أجرُه كاملًا بلا نَقْص؛ لأنَّ المرادَ بالنَّفي هنا تمامُ الإثبات يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/85). .
4- قول الله تعالى: وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ لَمَّا أخْبَر تعالى عن عدمِ الحِرمان والجزاء، أقام ما يَجري مجرَى الدَّليل عليه، وهو أنَّ عدمَ إيصال الثَّواب والجزاء إمَّا أنْ يكون للسَّهوِ والنِّسيان، وذلك مُحالٌ في حقِّه؛ لأنَّه عليمٌ بكلِّ المعلومات، وإمَّا أنْ يكون للعجزِ والبخل والحاجة، وذلك مُحالٌ؛ لأنَّه إلهُ جميع المُحدَثات؛ فاسمُ الله تعالى يدلُّ على عدم العجز والبُخْل والحاجة، وقوله: عَلَيمٌ يدلُّ على عدم الجهل، وإذا انتَفتْ هذه الصِّفات امتَنَع المنعُ من الجزاء يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/335). .
5- قول الله تعالى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ خَصَّ اللهُ تعالى المتَّقِين بالذِّكر مع أنَّه تعالى عالم بكلِّ النَّاس؛ بِشْارةً للمُتَّقين بجزيل الثَّواب، ودَلالةً على أنَّه لا يفوز عنده إلا أهل التَّقوى يُنظر: ((تفسير الرازي)) (8/335). .

بلاغة الآيات:

1- قوله: لَيْسُوا سَوَاءً: استئنافٌ قُصِد به إنصافُ طائفةٍ من أهل الكتاب، بعد الحُكم على مُعظمهم بصِيغة تَعُمُّهم؛ تأكيدًا لِمَا أفاده قوله: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ، فالضميرُ في قوله: لَيْسُوا لأهل الكتاب المُتحدَّث عنهم آنفًا، وهم اليهود، وهذه الجملةُ تتنزَّل من التي بعدها مَنزِلة التَّمهيد يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/57). .
2- قوله: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ: استئنافٌ مُبيِّنٌ لكيفيَّة عدمِ تَساويهم، ومُزيلٌ لِمَا فيه من الإبهامِ في قوله: لَيْسُوا سَوَاءً، ووضَع أَهْلِ الْكِتَابِ مَوضعَ الضَّميرِ العائدِ إليهم حيث لم يَقُل (منهم أُمَّةٌ قائمة)، فأَظهَر في مَوضِع الإضمار، وقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لتحقيقِ ما به الاشتراكُ بين الفريقين، والإيذانِ بأنَّ تلك الأُمَّةَ ممَّن أوتي نصيبًا وافرًا من الكتاب لا مِن أرذالهم؛ اهتمامًا بتِلك الأُمَّة يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/34)، ((تفسير أبي السعود)) (2/73). ، وليكون هذا الثَّناءُ شاملًا لصالحي اليهود، وصالحي النَّصارى، فلا يختصُّ بصالحي اليهود يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/57). .
- وجاءَ باسم الفاعلِ قَائِمَةٌ؛ ليدلَّ على أنَّ الاستقامةَ وصْفٌ ثابتٌ لتِلك الأُمَّة لا يتغيَّر يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/312). .
3- قوله: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ:
- التَّصريحُ بتِلاوتِهم آياتِ الله في الصَّلاة مع أنَّها مُشتمِلةٌ عليها قطعًا؛ لزيادة تحقيقِ المُخالفةِ، وتوضيحِ عدمِ المُساواةِ بينهم وبين الذين وُصِفوا آنفًا بالكفرِ بها، وهو السِّرُّ في تقديم هذا النَّعْتِ على نعت الإيمانِ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/73)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/58). .
- وتخصيصُ السُّجودِ في قوله: وَهُمْ يَسْجُدُونَ بالذِّكرِ من بين سائرِ أركانِ الصَّلاةِ؛ لكونِه أدلَّ على كمالِ الخضوعِ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/73)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/58). .
- وجملةُ وَهُمْ يَسْجُدُونَ حالٌ، أي: يتهجَّدون في الليل بتِلاوة كتابِهم- أي: القرآن بعد أنْ صاروا مُسلمين- فقُيِّدتْ تلاوتُهم الكتابَ بحالةِ سجودهم، وهذا الأسلوب أبلغُ وأَبْينُ مِن أنْ يُقال: يتهجَّدون؛ لأنَّه يدلُّ على صورة فِعْلهم يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (4/58). ..
- والتَّعبير بالجُملةِ الاسميَّة؛ للدَّلالةِ على الاستمرار، وتكريرُ الإسنادِ بتَكرُّر الضَّمير وهو (هم) لتقوية الحُكْمِ وتأكيدِه يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/310)، ((تفسير أبي السعود)) (2/73). .
- وصِيغةُ المضارع (يَتْلُونَ- يَسْجُدُونَ)؛ للدَّلالة على التَّجدُّد يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/73). .
4- قال تعالى: وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ لم يَقُل: (إِلَى الْخَيْرَاتِ) مع أنَّ الفعل (سَارَعَ) يَتعدَّى بـ(إلى)؛ إيذانًا بأنَّهم يُسارعون في أعمالِ الخيرِ وهم داخلونَ فيها، لا أنَّهم خارجونَ عنها، أو مُنتهون إليها يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (2/250)، ((تفسير المنار)) (6/321) ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/79). ، فتكون الخيراتُ من شِدَّة انغماسهم فيها وملابستِهم لها، كأنَّها قد شَمِلتْهم وأحاطتْ بهم، كما يُحيط الظرفُ بالمظروف.
5- قوله: وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ: الإشارةُ بـأُولِئَكَ وما فيه من معنى البُعْد؛ للإيذان بعُلُوِّ دَرجتِهم، وسُموِّ طبقتِهم في الفضلِ، وإيثارُه على الضَّميرِ؛ حيث لم يَقُل: (وهم من الصَّالحين)؛ للإشعارِ بعِلَّة الحُكم والمدح، أي: أولئك المنعوتون بتلك الصِّفاتِ الفاضِلة بسببِ اتِّصافِهم بها يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/74)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/58). .
6- قوله: وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ: على قراءة تَفْعَلُوا.. تُكْفَرُوهُ- بالتَّاء- يكون فيه التِفاتٌ من الغَيبة إلى الخِطاب يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (3/324)، ((تفسير ابن عاشور)) (4/59). .
- قوله: مِنْ خَيْرٍ نكرةٌ في سياق الشَّرط يُفيد العُمُوم؛ ففيه ثُبُوت الثَّواب على عملِ الخير قليلًا كان أم كثيرًا يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة آل عمران)) (2/85). .
7- قوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ: تذييلٌ مُقرِّرٌ لمضمونِ ما قَبلَه؛ فإنَّ عِلمَه تعالى بأحوالهم يَستدعي تَوْفيةَ أُجورِهم لا محالة يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/34)، ((تفسير أبي السعود)) (2/74). .