موسوعة التفسير

سورةُ الفَلَقِ
مقدمة السورة

أسماء السورة :

سُمِّيت هذه السُّورةُ بسورةِ (الفَلَقِ) [1] سُمِّيت هذه السُّورةُ بذلك؛ لذِكْرِ لَفظِ الفَلَقِ في أوَّلِها في قولِه: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/556). وسُمِّيت أيضًا مع سورةِ النَّاسِ بالمقشقشتين، أي: تبرِّئان مِن النِّفاقِ. يُنظر: ((جمال القراء وكمال الإقراء)) لعلم الدين السخاوي (ص: 94)، ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (1/197)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/623). .
وسمِّيت أيضًا قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ؛ فعن عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ألم تَرَ آياتٍ أُنزِلَتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثلُهنَّ قَطُّ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)) [2] أخرجه مسلم (814). .
ويُطلَقُ عليها معَ سورةِ (النَّاسِ): (المُعَوِّذَتانِ)، ومعَ (النَّاسِ والإخلاصِ): (المُعَوِّذاتُ):
فعن عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضِيَ الله عنه، قال: قال لي رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أُنْزِل، أو أُنْزِلَتْ علَيَّ آياتٌ لم يُرَ مِثْلُهنَّ قَطُّ، المُعَوِّذتَينِ [3] منصوبٌ بفعلٍ مَحذوفٍ، أي: أعني: المُعَوِّذَتَينِ. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (3/169). ) [4] أخرجه مسلم (814). .
وعنه أيضًا رضيَ الله عنه، قال: ((أمَرَني رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أَقرأَ بالمُعَوِّذاتِ في دُبُرِ كلِّ صَلاةٍ)) [5] أخرجه أبو داودَ (1523)، والنَّسائيُّ (1336)، وأحمدُ (17417) واللَّفظُ لهم، والترمذيُّ (2903) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (2004)، وابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/290)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1523)، وشعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (28/ 634). وذكر ابنُ باز في ((الفوئد العلمية)) (6/335) أنَّ له طرقًا جيِّدةً. .

فضلها وخصائصها:

1- تستحبُّ قراءتُها في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ:
عن عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضيَ الله عنه، قال: ((أمَرَني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ أقرَأَ بالمُعَوِّذاتِ في دُبُرِ كلِّ صَلاةٍ)) [6] أخرجه أبو داودَ (1523)، والنَّسائيُّ (1336)، وأحمدُ (17417) واللَّفظُ لهم، والترمذيُّ (2903) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (2004)، وابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/290)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1523)، وشعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (28/ 634). وذكر ابنُ باز في ((الفوئد العلمية)) (6/335) أنَّ له طرقًا جيِّدةً. .
2- ما أُنزِلَ مِثلُ المُعَوِّذاتِ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الفُرقانِ:
عن عُقْبةَ بنِ عامرٍ رضيَ الله عنه، قال: ((... لَقِيتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال لي: يا عُقْبةُ بنَ عامِرٍ، ألَا أُعَلِّمُك سوَرًا ما أُنزِلَتْ في التَّوراةِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُهُنَّ؟ لا يأتِيَنَّ عليك لَيلةٌ إلَّا قَرأْتَهُنَّ فيها: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. قال عُقْبةُ: فما أَتَتْ علَيَّ لَيلةٌ إلَّا قَرأْتُهُنَّ فيها، وحُقَّ لي ألَّا أَدَعَهُنَّ وقد أَمَرَني بهِنَّ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم)) [7] أخرجه أحمدُ (17452) واللَّفظُ له، وهَنَّادٌ في ((الزهد)) (2/493)، وابنُ أبي الدنيا في ((مكارم الأخلاق)) (20) كلاهما مختصرًا. صحَّح إسنادَه الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/859)، وحسَّن إسنادَه شعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (28/655)، ووثَّق رجالَه الهَيْثَميُّ في ((مجمع الزوائد)) (7/151)، والشَّوكانيُّ في ((تحفة الذاكرين)) (ص: 444). .
3- مَن قَرأَ المُعَوِّذاتِ حينَ يُمسِي وحينَ يُصبِحُ ثلاثًا تَكفِيه مِن كلِّ شَيءٍ:
عن عبدِ الله بنِ خُبَيْبٍ رضيَ الله عنه، قال: ((خرَجْنا في لَيلةٍ مَطِيرةٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نَطلُبُ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يُصَلِّي لنا، فأدرَكْتُه فقال: قُلْ. فلمْ أَقُلْ شيئًا، ثمَّ قال: قُلْ. فلمْ أقُلْ شيئًا، ثمَّ قال: قُلْ. قلتُ: ما أقولُ؟ قال: قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، والمُعَوِّذَتَينِ حينَ تُمْسي وحينَ تُصبِحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكفيكَ مِن كلِّ شَيءٍ)) [8] أخرجه أبو داودَ (5082)، والترمذيُّ (3575) واللَّفظُ له، والنَّسائيُّ (5428)، وعبدُ الله بنُ أحمدَ في ((زوائد المسند)) (22664). صحَّحه ابنُ دقيقِ العيدِ في ((الاقتراح)) (ص: 128)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/345)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (5082)، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((الأذكار)) (ص: 107)، وحسَّنه ابنُ باز في ((مجموع فتاواه)) (26/26). .
4- كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا اشتَكَى رقَى نفْسَه بالمُعَوِّذاتِ:
عن عائشةَ رضيَ الله عنها: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا اشْتَكى يَقرأُ على نفْسِه بالمُعَوِّذاتِ ويَنْفُثُ، فلمَّا اشْتَدَّ وَجَعُه كنتُ أقرَأُ عليه وأمْسَحُ بيَدِه؛ رجاءَ بَرَكَتِها)) [9] أخرجه البخاري (5016)، ومسلم (2192). .
5- كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُعوِّذُ نفْسَه بالمُعَوِّذاتِ إذا أوَى إلى فِراشِه:
عن عائشةَ رضيَ الله عنها: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا أوَى إلى فِراشِه كُلَّ لَيلةٍ جَمَع كَفَّيْه، ثُمَّ نَفَث فيهما فقَرَأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمسَحُ بهما ما اسْتَطاع مِن جَسَدِه، يَبْدَأُ بهما على رَأْسِه ووَجْهِه وما أقْبَلَ مِن جَسَدِه، يَفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ)) [10] أخرجه البخاري (5017). .
6- آياتُ سورتَيِ الفَلَقِ والنَّاسِ لم يُرَ مِثلُهنَّ فيما أُنزِل على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
عن عُقْبةَ بنِ عامرٍ رضيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ألم تَرَ آياتٍ أُنزِلَتِ اللَّيلةَ لم يُرَ مِثلُهنَّ قَطُّ [11] ((لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ)): أي: في بابِهما وهو التَّعَوُّذُ. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (4/ 1467). ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)) [12] أخرجه مسلم (814). .
7- أُمِر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقراءتِها معَ سورةِ النَّاسِ لَمَّا سُحِر:
عن زَيْدِ بنِ أرْقَمَ رضيَ الله عنه، قال: ((سَحَرَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجُلٌ مِن اليَهودِ، فاشْتَكى، فأَتاهُ جِبريلُ -عليه السَّلامُ- بالمُعوِّذَتيْنِ، وقال: إنَّ رجُلًا مِن اليَهودِ سحَرَكَ، والسِّحرُ في بِئرِ فُلانٍ، فأرسَلَ علِيًّا، فجاءَ به، فأمَرَه أنْ يَحُلَّ العُقَدَ، ويَقرَأَ آيةً، فجعَلَ يقرَأُ ويَحُلُّ، حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كأنَّما أُنشِطَ مِن عِقالٍ [13] أُنشِط مِن عِقالٍ: أي: حُلَّ مِن وَثاقٍ. يُنظر: ((معالم السنن)) للخَطَّابي (3/102). ، فما ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لذلك اليَهوديِّ شيئًا ممَّا صنَعَ، ولا أراهُ في وَجْهِه)) [14] أخرجه عبدُ بنُ حُمَيد (271)، والطَّحاويُّ في ((شرح مشكل الآثار)) (5935). قال شعيبٌ الأرناؤوطُ في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (5935): (إسنادُه على شرطِ مسلمٍ). والحديث أخرجه دونَ ذِكْرِ المعوِّذتَينِ: النَّسائيُّ (4080)، وأحمدُ (19286). صحَّحه الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2761)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (351). .

بيان المكي والمدني:

سورةُ الفَلَقِ، مُختلَفٌ فيها؛ فقيل: مكِّيَّةٌ، وقيل: مَدَنيَّةٌ [15] ممَّن اختار أنَّها مكِّيَّةٌ: مقاتلُ بنُ سُلَيمانَ، والزَّجَّاجُ، والسمرقنديُّ، والواحدي، والسمعاني، والزمخشري، وابن جُزَي، وأبو السعود، والقاسمي، والسعدي، وابن عاشور. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/931)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (5/379)، ((تفسير السمرقندي)) (3/636)، ((الوسيط)) للواحدي (4/572)، ((تفسير السمعاني)) (6/305)، ((تفسير الزمخشري)) (4/820)، ((تفسير ابن جزي)) (2/526)، ((تفسير أبي السعود)) (9/214)، ((تفسير القاسمي)) (9/574)، ((تفسير السعدي)) (ص: 937)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/624). وممَّن اختار أنَّها مَدَنيَّةٌ: الثعلبيُّ، ومكِّي، والبغوي، وابن الجوزي، والرازي، والخازن، وابن كثير، والفيروزابادي، والعُلَيمي. يُنظر: ((تفسير الثعلبي)) (10/337)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (12/8505)، ((تفسير البغوي)) (5/332)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/ 507)، ((تفسير الرازي)) (32/369)، ((تفسير الخازن)) (4/499)، ((تفسير ابن كثير)) (8/530)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/556)، ((تفسير العليمي)) (7/463). .

مقاصد السورة:

مِن أهَمِّ مقاصِدِ هذه السُّورةِ:
الاسْتِعاذةُ مِن جميعِ أنواعِ الشُّرورِ عُمومًا وخُصوصًا [16] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 937). .

موضوعات السورة:

مِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها هذه السُّورةُ:
الاستعاذةُ بالله مِن الشُّرورِ، والأوقاتِ الَّتي يَكثُرُ فيها حُدوثُ الشَّرِّ، ومِن شرِّ السَّحَرةِ والحاسِدينَ.